رام الله – أكد نادي الأسير الفلسطيني أن الاف الأسرى الفلسطينيين يعيشون في ظروف مأساوية وقاسية في مختلف سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ونشر نادي الأسير، اليوم الثلاثاء، إحاطة شاملة عن آخر التطورات المرتبطة بواقع الأسرى والأسيرات داخل سجون الاحتلال، استعرض فيها أبرز المعطيات والجرائم والانتهاكات التي عكستها إفادات الأسرى والأسيرات.
واستندت الإحاطة في معطياتها إلى زيارة نحو 70 أسيراً وأسيرة، نفذها محامو نادي الأسير خلال نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم وحتى التاسع من الشهر الجاري، في ظروف صعبة وتحت رقابة مشددة، وشملت سجون: الدامون، وجلبوع، وجانوت، ومجدو، وعوفر، وشطة، والنقب.
وبرزت عدة قضايا أساسية ارتبطت بشكل الجرائم والانتهاكات منذ بدء حرب الإبادة، من ضمنها جرائم التعذيب وعمليات القمع المتكررة والاعتداء بالضرب المبرح، والتنكيل، باستخدام أنواع الأسلحة كافة، وبمرافقة الكلاب البوليسية، إلى جانب عمليات الإذلال والإهانة المتعمدة للأسرى.
وشكّلت جرائم التعذيب أبرز الجرائم التي سيطرت على إفادات وشهادات الأسرى منذ بدء حرب الإبادة وحتى اليوم، إضافة إلى الجرائم الطبية التي تتخذ منحنى تصاعديا مع استمرار انتشار مرض "سكايبوس" (الجرب) في صفوف الأسرى بعدة سجون.
وقال نادي الأسير إنه مع حلول فصل الشّتاء، تركزت نداءات الأسرى والأسيرات للمؤسسات الحقوقية المختصة بضرورة الضّغط القانوني للسماح بإدخال ملابس شتوية لهم، أو توفير ملابس تقيهم برد الشتاء.
ولفت إلى أن إدارة السّجون حوّلت فصل الشّتاء الماضي إلى أداة لتعذيب الأسرى والتّنكيل بهم، ورغم وجود بعض المؤشرات لحصول بعض الأقسام على سترات شتوية، فإنها لم تشمل جميع الأقسام، ولا يزال آلاف الأسرى يعانون نّقصا حادا في الملابس، وبعضهم لا يملك إلا غيارا واحدا من الملابس الصّيفية.
ويؤكّد الأسرى في بعض السّجون أنّ بعض إدارات السّجون تعمدت إبقاء النوافذ مفتوحة بدلا من إغلاقها، الأمر الذي ساهم في تفاقم معاناتهم، لا سيما أن أغلبية الأسرى اليوم يعانون ضعفا في البنية الجسدية جراء جريمة التّجويع والجرائم الطبيّة، وانتشار الأمراض.
كما أنّ نسبة كبيرة من الأسرى يعانون الإصابة بأمراض جلدية، أبرزها الجرب الذي يرافقه أعراض خطيرة، تشكل تهديدا مباشراً لحياة الأسرى، مرضى السكري، فمن خلال شهادات الأسرى وإفاداتهم فإن مرضى السكري الذين يصابون بالجرب، يعانون أعراضا صحيّة خطيرة، إلى جانب الأسرى المصابين بالسّرطان.
وأكد النادي أنّ المؤسسات الحقوقية تحاول من خلال المسارات القانونية أن تدفع إدارة السّجون إلى توفير سُترات وأغطية للأسرى، وقد تقدمت إحدى المؤسسات المختصة في أراضي عام 1948، التماسا خاصا إلى المحكمة العليا للاحتلال لتوفير ملابس وأغطية للأسرى.
وأشار النادي إلى أنه في سجن "جلبوع"، تركزت إفادات الأسرى حول عمليات القمع التي تعرضوا لها مؤخراً.
ففي منتصف نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم، تعرض أحد الأقسام لعملية قمع واسعة، من السجانين الذين اقتحموا غرف الأسرى وزنازينهم، واعتدوا عليهم بالضرّب المبرّح، حتّى أنّ الأسرى في الزّنازين المجاورة لإحدى الغرف، بدأوا بالبكاء لسماع أصوات تعذيب رفاقهم وضربهم.
كما تعمدت وحدات القمع الاستيلاء على الملابس الإضافية للأسرى، ولم يتبقَّ لهم سوى الملابس التي يرتدونها، ورغم أنها قامت بهذا الأمر منذ بداية الحرب، فإنها أعادت عمليات الاستيلاء مجدداً.
كما قامت بتخريب بعض المقتنيات البسيطة لديهم، وتعمدت رمي لُقيمات الطعام التي يتم تجميعها على مدار اليوم لمحاولة تحضير وجبة تكفيهم.
وتذرعت إدارة السّجن بأن عملية القمع هذه جاءت رداً على أداء الأسرى للصلاة، وأشار الأسرى في سجن "جلبوع" إلى أنّ قوات القمع استخدمت للمرة الأولى بحقهم حزاما خاصا لضربهم، في ضوء استمرار محاولتها إنتاج أدوات لتعذيبهم.
ونبه النادي إلى أن إدارة السجون تعمل على تحويل كل ما يحتاج إليه الأسرى، إلى أداة للحرمان والتّنكيل بهم.
وفي سجن "عوفر"، أفادت مجموعة من الأسرى الذين تمت زيارتهم مؤخراً، بأنّ وحدات القمع نفذت عدة اقتحامات، واعتدت عليهم بالضرّب المبرّح، وعاقبتهم بسحب الفرشات منهم، وحرمتنهم من الخروج إلى ساحة السجن "الفورة".
كما تستخدم إدارة السّجن كمية الطعام أداة للتنكيل بهم من خلال التّحكم في كمية الطعام، وممارسة جريمة التّجويع بشكل مضاعف كنوع من أنواع العقاب.
وجراء الاعتداء بالضرّب على الأسرى في "عوفر" خلال عمليات الاقتحام المتكررة مؤخراً، أصيب أحدهم في الكتف، وجرى نقله إلى المستشفى لاحقاً، وأبلغه الأطباء بأنه بحاجة إلى إجراء عملية جراحية، وقد أعيد إلى القسم وهو بوضع صحي صعب.
وفي سجن "الدامون" الذي تقبع فيه الأسيرات، تصاعدت عمليات التفتيش والقمع والاقتحامات الليلية بشكل غير مسبوق، وكذلك عمليات الاستيلاء على ملابسهن الإضافية، وسُجلت عمليات اقتحام جديدة خلال تشرين الثاني/ نوفمبر، إضافة إلى عملية قمع أخيرة في بداية كانون الأول الجاري.
وفي 20 تشرين الثاني، تم اقتحام عدد من زنازين وغرف الأسيرات، وتقييدهن للخلف، واقتيادهن إلى ساحة السّجن والاعتداء على عدد منهن بالضرب، ورشهن بالغاز، كما تعرضت بعضهن للعزل لعدة أيام.
وتكرر الأمر في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني وفي بداية ديسمبر/ كانون الأول، إذ جرى قمع بعض الغرف والزنازين من وحدات "اليمّاز"، وتم الاعتداء على بعض الأسيرات.
هذا إلى جانب إلقاء الشتائم والألفاظ النابية والمذلّة، وتفتيشهن بطريقة شبه عارية، وتخريب بعض المقتنيات البسيطة لديهن، والاستيلاء على بعض المستلزمات الشّخصية الخاصة بهنّ.
وأشارت الأسيرات إلى معاناتهن من قلة الملابس، بعد عملية الاستيلاء التي أقدمت عليها إدارة السّجون منذ سبتمبر/ أيلول المنصرم، وهناك تخوفات من انتشار الأمراض بينهن بسبب قلة مواد التّنظيف.
ويضاف إلى ذلك جريمة التّجويع التي لا تزال تخيم على الأسرى كافة، بمن فيهم الأسيرات، كما أنّ بعض الأسيرات يعانين مشكلات صحيّة صعبة، وهن بحاجة إلى متابعة حثيثة، وبعضهن بحاجة إلى متابعة نفسية.
وتتصاعد التّخوفات لدى الأسرى في سجن "عوفر"، من انتشار مرض الجرب بينهم بعد تسجيل حالات مؤخرا في بعض الأقسام لم تقدر أعدادهم حتّى اليوم.
وتضمنت الزيارات للأسرى في "عوفر"، زيارات للأطفال الأسرى الذين نقلوا حجم المصاعب والظروف القاسية التي يواجهونها جرّاء الاكتظاظ في الأقسام المخصصة لهم، وجريمة التّجويع.
وأكد محامو النادي أن أغلبية الأطفال ينامون وهم جوعى، ويعانون البرد الشديد مع حلول فصل الشتاء، في ظل النقص الحاد في الملابس، فضلا عن وجود أسرى أطفال بحاجة إلى رعاية صحيّة ونفسيّة خاصّة، كما أشار الأطفال الأسرى إلى تصاعد عمليات القمع بحقهم.
ولفت الأسرى في "عوفر" إلى أنّ إدارة السّجن أقدمت على فرض عقوبات على إحدى الغرف، بعد أن حوّل الأسرى أكياس الخبز إلى حبل من خلال ربطها ببعضها البعض، من أجل نشر الملابس بعد غسلها، وعلى إثر، ذلك تم حرمانهم من الخروج إلى "الفورة"، وأصبحت إدارة السّجن تُدخل شرائح الخبز دون الأكياس.
أما في سجن "مجدو"، فقد ذكر الأسرى أن إدارة السّجون استولت على أبواب الحمامات في أحد الأقسام، والشراشف التي يستخدمها الأسرى لتغطية الحمامات التي أصبحت دون غطاء، كجزء من ابتكار أدوات للإذلال والتّنكيل والتّعذيب.
كما أن عمليات القمع والضرّب لا تزال قائمة رغم أنها تختلف من فترة إلى أخرى من حيث وتيرتها، ولا يزال المئات من المرضى والجرحى يواجهون الجرائم الطبيّة داخل السّجن الذي يُعتبر أحد أبرز السّجون المركزية، والذي شكّل أحد السجون التي صعد اسمها مع بداية الحرب بسبب سياسة التّعذيب التي طالت الآلاف من الأسرى فيه، علماً أنّ سجن "مجدو" هو أحد السّجون التي يُحتجز فيها الأسرى الأطفال.
وأكد نادي الأسير أنّ كل هذه التفاصيل هي ذات السّياسات الممنهجة التي عكسها الأسرى في بقية السّجون التي تمت زيارتها ومنها "النقب"، و"شطة"، و"جانوت"، وأنّ مرض الجرب شكّل المحطة الأبرز في إفادات أسرى سجن "النقب"، بينما ركزت معظم إفادات الأسرى في "شطة" و"جانوت" على القمع والنقل.
ولفت إلى أنّ كل السّياسات والجرائم تحوّلت إلى واقع دائم، يعيشه الأسرى بشكل لحظي منذ بداية حرب الإبادة، والمتغير الوحيد هو اختلاف مستوى تلك الجرائم وكثافتها من فترة إلى أخرى، وهناك مخاوف كبيرة على مصير الآلاف من الأسرى، بعد ارتقاء 49 أسيراً منذ بداية الحرب.
ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى بداية ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أكثر من 10 آلاف و300، إضافة إلى المئات من معتقلي غزة المحتجزين في المعسكرات ولا تتوفر معطيات واضحة عن أعدادهم، وهم رهن الإخفاء القسري.
كما يبلغ عدد الأسيرات حتى إعداد التقرير 89 أسيرة في سجن "الدامون، من بينهن أربع من غزة، وعدد الأطفال 280.