نشر بتاريخ: 2021/03/25 ( آخر تحديث: 2021/03/25 الساعة: 09:05 )

"The Dig".. دراما أثرية لقصة حقيقية في فيلم

نشر بتاريخ: 2021/03/25 (آخر تحديث: 2021/03/25 الساعة: 09:05)

متابعات: قدم المخرج الأسترالي سيمون ستون، تجربة إخراجية تجسد الماضي الحديث، حول رحلة تنقيبية في منتصف القرن الماضي، وتكشف عن منجز تاريخي في بريطانيا القديمة، في فيلم ”The dig“ المنتج عام 2021، والمعروض حديثا على منصة نتفلكس، وقد لقي اهتماما واسعا من الجمهور.

وتستعرض أحداث الفيلم الإنجاز الذي حققه المنقب وعالم الآثار ”باسيل براون“ الذي تمكن من الحفر في تلال سوفلك، منطقة سوتون هو، في إنجلترا، قبل بداية الحرب العالمية الثانية، واكتشف وجود سفينة فايكينغ، ذات ارتفاع يصل إلى 27 مترا، وكذلك كنوز أنجلو ساكسونية ذهبية، يقدر العلماء وجودها منذ العصور المظلمة، في القرن السابع الميلادي.

ويعد هذا الموروث الأثري من أهم الاكتشافات المطمورة في تاريخ بريطانيا، وموجودة في المتحف البريطاني.

براون الباحث، وعالم الفلك، الرجل المستقل الذي أنفق الكثير من أمواله، ومن عمله كمزارع، من أجل رحلته في التنقيب، لم يكن يتخذ صفة رسمية في عملية البحث، وهذا ما أدى لحذف اسمه من سجلات التنقيب حول هذا العمل في المتحف البريطاني، لسنوات طويلة، كمالك فكري لهذا الاكتشاف، لكن الأمر عولج بعد ذلك، ونال حقه الفكري في ذلك الإطار.

الفيلم يتم تقديمه باللهجة البريطانية النقية، من خلال النقل عن رواية تحمل نفس الاسم، للروائي جون بريستون، ويقوم الممثل البريطاني رالف فينيس بدور براون، بينما تقدم كاري موليجان دور ”بريتي“ صاحبة الأرض، التي استأجرت براون للحفر والتنقيب في المكان، بهدف اكتشاف كنز ثمين، للتاريخ.

الإنسان لا يموت

فيما يحمل الفيلم رؤية ديمومة العلاقات البشرية، بالتراكم التاريخ الذي يتم تسليمه من جيل لآخر، فلا ينقطع الإنسان عن العالم حين يموت، بل يبقى مربوطا بذلك الخيط الشفاف، بما قدمه في سبيل بناء هذا الكون، من سرد السيناريو لبويرا بافيني:“من أول بصمة بشرية على جدران كهف، الإنسان جزء من أحداث مستمرة“.

ويؤكد السيناريو ضرورة الاستمرار في البحث عن الحياة القديمة، بما تحمله من ثقافة وفن وحضارة.

براون المقاول الذكي الحساس بمعايير التربة وأنواعها، يحل ضيفا على بريتي الأرملة المريضة بحمى روماتيزمية أرهقت صمامات قلبها، وقد تواجه مصير الموت في أي لحظة. ويتم التفاوض بين البطلين على مكان البدء وسط ثمانية عشر تلا في سوفلك، وتكون خبرة براون هي الفيصل، لاكتشاف حياة جديدة كانت في السابق.

 دراما شخصية

ولا يتجاهل المخرج الحياة الشخصية للأفراد حول مكان الحفر، فيفتح ضوء كشافه على عدة شخصيات شاركت في الإنجاز التاريخي.

بداية من تعلق الطفل روبرت، ابن بريتي، بالحفار براون، الذي كان على الدوام حافزا للعالم الأثري للإكمال في مهمة الحفر، لما بينهما من علاقة ودية، ووعودات مستقبلية برؤية النجوم عبر تلسكوبه الخاص. ولقد كان هاجس موت الأم مدعما لبقاء براون، فبعد تدخل الهيئة البريطانية للآثار في مجريات الحفر، كان لا بد لبراون غير الأكاديمي أن يغادر المكان، لكن بريتي صممت على عودته، وكان لروبرت الطفل جزء مهم في ذلك.

 توتر لحظي

ويمضي التسلسل الدرامي للفيلم بهدوء وترقب، إلا في لحظة سقوط التربة على جسد براون في الجزء العرضي للفيلم، فكان مشهدا مشحونا بالتوتر والغموض، حول مصير الجسد الذي طمرته التربة بالكامل، ولقد بذلت بريتي جهدا كبيرا في إنقاذ جسد براون من التحلل للأبد. عدا ذلك كانت محورية الدراما تدور حول المكتشَف التاريخي، وسبل حمياته من الأمطار، خلال عملية الحفر، لكثافة السيول في بريطانيا.

ويلمح الفيلم إلى الأجواء المصاحبة للحفر سياسيا، حيث يعلق على الخطابات الحماسية لقيادات بريطانيا وألمانيا، ويروي خيبة الأمل من إرهاصات اندلاع الحرب، وكيفية استدعاء الجنود المغيبين والقذف بهم في غمار الحرب، ويستشهد المخرج بمشهد سقوط طائرة في النهر المجاور للمكان، وتكون نهايته موت الجندي القائد للطائرة.

قصة أخرى

جزء شخصي آخر أعطى للفيلم المزيد من التشويق، في ظهور متأخر للفنانة ”ليلي جيمس“ لتؤدي دور بيغي بيغوت، فتكون هي السبب في إيجاد الذهب الأنجلو ساكسوني خلال الحفر، وبعد انضمامها وزوجها ستيوارت ”بن تشابلن“ للفريق، تنشأ علاقة غرامية خفية بينها وبين المصور روري، ويمثل دوره ”فلين“ المصور الموثق لأحداث الحفر، وإن كان هذا الطارئ الدرامي، يحرف بوصلة الدراما الأصل التي انبنى عليها سياق الفيلم، لكن، حملت قصة الحب بينهما على هامش الأحداث بداية لفيلم جانبي يخوضانه وحدهما، وتكون كلمة بريتي هي الفاصل في العلاقة، حيث غادرت بيغي قفص الزواج الممل بالنسبة لها، لتخوض غمار الحب مع روري.

موسيقى حماسية

أما أداء الممثلين فكان سهلا تلقائيا، مزينا بإكسسوارات تلك الحقبة من الزمن، حيث القبعات المخروطية، والبناطيل المربوطة بالحمالات، فوق القمصان. وقد كان أداء ليلي جيمس الأكثر إدهاشا، ربما لأنها شاركت في الشقين، شق الحفر كركيزة لكرونولوجي الفيلم، وشق التعمق في الشخصية، وتحليلها، في جانب علاقتها الرتيبة مع زوجها، والحب المقيم في الظل مع روري.

أما الموسيقى التصويرية من ستيفان غريغوري، فكانت تحمل حماسية الخطى والتركيب، لحظة الحفر، وفي المقابل تحمل العاطفة في لحظات مرض بريتي، وكذلك لحظة إحساس بيغي بانفتاح عالم جديد لها مع شخص آخر.

"إرم"