"شراكة الدم" حاضرة و"شراكة القرار" غائبة!
"شراكة الدم" حاضرة و"شراكة القرار" غائبة!
لم يعد هناك الكثير مما يمكن اعتباره "أسرارا" في عناصر "الصفقة الإسرائيلية - الحمساوية" بمختلف مسمياتها، لكن الجوهري فيها، "تهدئة مقابل مال" الى حين أن تأخذ بعدها الكامل نحو تكريس "واقع جديد".
وفي داخل الكيان واعلامه، برز يحيى السنوار، قائد حماس في قطاع غزة، كرافعة لتلك الصفقة، التي أصبحت قيد التنفيذ، دون إعلان رسمي، من طرفيها وراعيها المصري، وعرابها التمويلي القطري، خاصة بعد أن كشفت أنه صاحب المعادلة الذهبية "التهدئة مقابل المال".
ربما حاول السنوار، عبر تلك المعادلة ترجمة مقولة حماس "الخادعة"، أن لا ثمن سياسي للصفقة فلجأ الى تلك "الصياغة" التي حملت كثيرا من الريبة تفوق أي بعد سياسي كان يمكن ان يكون، لو أصبح الحديث واضحا، لكن الهروب "الإيجابي" ذهب الى "دهاليز نفق" مريب، بحيث أحالت الحركة الشعبية الأهم في السنوات الأخيرة، مسيرات الغضب، الى "بضاعة تقايض بثمن مالي".
وكما الحديث دوما، فلا صفقة بلا ثمن سياسي، وفي قطاع غزة، أي صفقة كانت، هي صفقة سياسية بكل معنى التعبير، تكريسا وممارسة وواقعا، ولعل الرابح الأكبر سياسيا منه هو دولة الكيان، وبشكل نسبي حركة حماس كفصيل يبحث تعزيز موقعه في القرار المستقبلي.
المثير في آلية البحث عن "المعادلة السياسية" بين الكيان وحماس، ذلك الغياب العملي للدور "التشاركي" في اتخاذ القرار وآليته، في تحديد مسار الحركة الشعبية، التي انطلقت بشكل جمعي، وأكدت قواها ذلك بتعبير بات جزءا من الثقافة الوطنية "شركاء في الدم"، فلا تمييز بين مشاركي المسيرات في الانتماء، شهداء وجرحى ومصابين، مسيرات أنجبت حالة من "التوحد الشعبي الميداني"، أعاد ما كان في الانتفاضة الوطنية الكبرى 1987، ما يجب أن يفرض مقابلا عمليا من "التوحد السياسي".
ولكن، مؤشرات الحركة السياسية والاتصالات المختلفة، بل وما يتم من تنفيذ بعضا من "التفاهمات" لا يعكس تلك الدرجة من "شراكة الدم"، فالطابع الفردي في الغالب هو "سيد الموقف"، وحركة حماس لا تزال تتعامل بذات "الفوقية" السياسية، تمنح أو تمنع عن "شركاء الدم" المعلومات حول ما يدور، وسلوكها معهم حسب "الهوى" وبـ "القطعة" وليس ضمن رؤية محددة واضحة، ضمن آلية متفق عليها.
بالتأكيد، حماس تتعامل مع مختلف القوى بما يؤكد أنها وحدها صاحبة القرار، وأن "الشراكة الميدانية" لا تترجم تساوي في "الشراكة السياسية"، مبدأ قد يكون مرتبطا بتوجهات الحركة "الإسلاموية" في المرحلة القادمة، ضمن استعدادها العملي لـ "وراثة" دور حركة فتح التاريخي لتقود المرحلة القادمة، حتى ولو كانت البداية من قطاع غزة، والى حين تأكيد ذلك، فهي ستتعامل مع القوى أيا كانت طبيعتها، ضمن معادلة الاعتراف بدورها، فكل من يؤكد تلك "الريادية" لحماس سيكون الأكثر قربا والمرشح المفضل لها في "شراكتها" الجديدة.
حماس، تعلم ان المرحلة القادمة لن تكون المصالحة حاضرة، ولذا فالإدارة السياسية في قطاع غزة هي "قيادة حمساوية"، بذرائع مختلفة، وربما لن تلجأ الى تشكيل أي شكل من "الشراكة" تحت ذريعة عدم الذهاب الى خلق "بديل مواز"، والحقيقة ليست كذلك ابدا، بل هي تعمل على تكريس الفردية السياسية للتحكم في مسار مختلف مناحي الحياة في قطاع غزة.
يمكن لـ "شراكة الدم"، ان يكون لها بعضا من "شراكة سياسية"، وبحسابات دقيقة كي لا تذهب بعيدا في تعزيز ما بات يعرف بـ "الفصل المؤقت"، ولعل تلك "الشراكة" هي جدار الوقاية الوطني من الذهاب الى الأخطر.
هل تفكر قيادة حماس في التعامل الإيجابي مع القوى السياسية وفقا لمعادلة تعاونية إيجابية، أم تواصل سلوكها في تكريس "فردانية القرار"، تلك هي المسألة التي يجب أن تكون على طاولة بحث "شركاء الدم" قبل فوات الآوان.
ملاحظة: دولة الكيان لم تنتظر كثيرا لتعزيز علاقاتها بالبعض الخليجي، فبدأت فورا بعرض "مشاريع مستقبلية".. خط سكة حديد بين الخليج وإسرائيل.. طيب أصحاب "القرار المستقل" شو رأيكم أو شو عندكم رد!
تنويه خاص: "خطبة وداع" القرضاوي لمنصبه في "اتحاد علماء الإخوان المسلمين"، كانت أبرز وثيقة نفاق في تاريخنا المعاصر، بقوله لولا أردوغان لسقط الإسلام.. شكرا يوسف فما قلته أثبت كل ما يقال عنكم "دينكم مصلحتكم"!