رسائل حماس السياسية في جمعة "التهدئة"!
حسن عصفور
رسائل حماس السياسية في جمعة "التهدئة"!
الكوفية استبقت حركة حماس، جمعة "المقاومة ستنتصر"، بالكشف عن صور "الخلية الإسرائيلية" التي نفذت عملية خانيونس، واعتبرته "انجازا وطنيا واستخباريا كبيرا"، وهو من زاوية يستحق ذلك، لكنها لم تكمل الرواية الى نهايتها، ما يجب أن يتم تناوله بشفافية ومسؤولية أيضا، خاصة وأن الروايات في الجزء المخفي يشير الى مخاطر لا تقل أهمية عن الإنجاز ذاته.
لكن، المثير حقا، والذي يثير الانتباه، واقع الجمعة الـ 35 لمسيرات كسر الحصار، حيث كان أقرب ما يكون الى يوم عادي، حضور هادئ جدا، والصخب المرافق لما سبق منذ انطلاقة مسيرات الغضب 30 مارس 2018 غاب كليا، وبعيدا عن أرقام الجرحى والشهداء التي كانت جزءا من تلك المسيرات، فالمشهد لم يكن متماثلا مع أي "جمعة" سابقة، رغم أن مسماها كان "المقاومة ستنتصر"، ما يفرض مشاركة واسعة جدا شعبية لتكريس قوة المسمى.
غياب الحضور الجماهيري المعتاد عن الجمعة الأخيرة، لم يكن "تخاذلا شعبيا"، بل جاء بقرار "رسمي" وغير معلن من حركة حماس وأمنها، لفرض قواعد "التهدئة"، وعدم الذهاب لتصعيد جديد يؤدي الى الانجرار لعمل عسكري ليس مناسبا، في ظل النقاش الداخلي الإسرائيلي.
ليس معيبا أبدا، ان يتم مراجعة المسيرات بما يخدم الرؤية الوطنية، بل كان ذلك مطلبا عاما بعد أن فقدت المسيرات بعضا من أهدافها وتحولت الى وسيلة لها غايات مختلفة نسبيا، لكن المراجعة يجب أن تكون علنية، ويتم توضيح كل ما يجب توضيحه، كي لا يذهب البعض الى تفسيرات بعضها صواب وبعضها مناكفة.
التوضيح ضرورة، وخاصة بعد فيديو الفضيحة للمندوب السامي القطري وهو يهمس بصوت تلفزيون لقيادي حمساوي بطلب الهدوء مقابل المال، الى جانب تصاعد تهديد مسؤولي دولة الكيان بالمساس بقيادة حركة حماس وعودة ملف الاغتيالات، بل أن بعض "شركاء" الحركة في العمل لا يعلمون حقيقة التفاهمات "السرية" التي تمت بينها وبين تل أبيب، عبر وساطة مصر ودور قطري خفي.
عندما أعلن قائد حماس في غزة يحيى السنوار عن الفخر بوجود "الغرفة المشتركة العسكرية"، كان السؤال وهل هناك "غرفة سياسية مشتركة" تقرر المسار القادم كما قررت حركة المواجهة العسكرية، وأدارتها بمهنية فاقت ما كان سابقا، حيث الضرورة تفترض ذلك، وكي لا تبقى "الشراكة" وفقا للمزاج الفئوي أو لغرض "الاستخدام المؤقت".
من أبرز ملامح جمعة التهدئة الأخيرة، ان قوات الأجهزة الأمنية لحركة حماس حرصت على منع أي احتكاك مباشر بين المتظاهرين وقوات الاحتلال، وشكلت "حاجزا مانعا" للذهاب الى السياج الفاصل، في مشهد تدريبي لما سيكون لاحقا، من وجود "منطقة عازلة" في المنطقة.
رسالة حماس السياسية الأهم من جمعة التهدئة الأخيرة، أنها تمتلك كل "مفاتيح اللعبة السياسية – الأمنية" في قطاع غزة، ما يؤكد معادلة جديدة بأن كل ما سيكون لاحقا من ترتيبات عليه ان يدرك تلك الحقيقة بشكل كامل، بمصالحة أو بدونها، هي صاحبة اليد العليا في قطاع غزة، عادت "سلطة عباس" أم استمرت "سلطة حماس".
نجحت حماس في الأسابيع الأخيرة في أن ترسم المشهد الذي يخدم رؤيتها، سواء بفرض وقف إطلاق النار، أو كشف صور "خلية خانيونس" بشكل مسرحي مثير، او ما شهدته "جمعة التهدئة"، رسائل تؤكد أن ما كان سابقا لن يكون لاحقا.
قادم الأيام ستكشف تطورات لن تراها حركة فتح (م 7) مناسبة لها ابدا، حتى لو قدم لها القطاع على طبق من "ألماس"!
ملاحظة: بعد 26 عاما تعترف الطغمة الفاشية في تل أبيب بارتكابها مجزرة إغراق سفينة كانت تقل مهاجرين قبالة سواحل لبنان، عام 1982، الاعتراف بتلك الجريمة مر كأنه خبر عادي جدا، رغم انه دليل إثبات لا يتكرر كثيرا.. آه صحيح الشهداء مش خاشقجي!
تنويه خاص: كم كان معيبا ان يطالب وزير خارجية روسيا لافروف بعودة سوريا الى الجامعة العربية.. متى تنتهي تلك المهزلة التي فرضتها معادلة أمريكية عبر أداتها قطر في حينه..كفى!