حل الدولتين والظروف المواتية!
د. ناجى صادق شراب
حل الدولتين والظروف المواتية!
أولا المقصود بحل الدولتين القبول بالدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل بل في قلب إسرائيل، مما قد ينجم عنه أنموذجا غير مسبوق في قيام الدولة والعلاقات بينها.
وفى تصريحات أخيره لوزير الخارجية الإسرائيليه لبيد وهو الأقل تشددا فكريا ويمثل فكر اليسار الوسط أنه لا يمكن في الوقت الحالي القبول بحل الدولتين.واضاف ليس سرا أننى أؤيد حل الدولتين ، لكن هذا غير ممكن حاليا .
والأخطر في تصريحاته وإن لم يعلنها صراحة قوله لا يمكن ان يطلب منا بناء تهديدا جديدا بأيدينا.
هذه التصريحات تثير تساؤلات كثيره وهى ليست جديده .اولا ان لا خلاف بين اليمين والوسط حول الموقف من الدولة الفلسطينية . فهذا الفكر الذى يستمد مرجعيته من الأيدولوجية الصهيونية لا يقبل بفكرة أن تكون هناك دولة للفلسطينيين ، وإلا لماذا قامت إسرائيل التي تعتبر حدودها تشكل كل فلسطين الإنتدابيه، فقيام الدولة الفلسطينية من وجهة النظر هذه ينفى الفرضيات والمقولات التي قامت عليها إسرائيل.
وثانيا :مسألة الظروف المواتيه ، وهى كلمه وحجه مفتوحه قد تعنى مئات السنين وقد تعنى الديمومة فمن الذى يقرر الظروف المواتيه ؟ وفقا لهذه التصريحات إسرائيل من يقرر متى وكيف وأين تقوم الدولة الفلسطينية .
وهذا يعنى مسوغات ومقومات لا يمكن ان تتوفر فلسطينيا. ألا يكفى اكثر من سبعين عاما لتقوم الدولة الفلسطينية .
وألا يعتبر هذا مناقضا لوضع الدولة الفلسطينية كدولة مراقب في الأمم المتحده ويعترف بها اكثر من ثلثى دول الأمم المتحده، ولها حضورها ووجودها في العديد من المنظمات الدولية ، بل إن بعضا من هذه المنظمات كاليونسكو تعترف بفلسطين دولة كاملة العضوية , والأمر الأخر ان هذه التصريحات تتناقض مع الواقع والحقائق السياسية على ألأرض ، وجود الشعب الفلسطيني .واليوم في الداخل والشتات هناك أكثر من 13 مليون نسمه يحملون ويجسدون الهوية الوطنية الفلسطينية .اضف إلى وجود المؤسسات السياسية والتمثيل الديبلوماسى في العديد من العواصم في العالم. والشق الثالث الخطير في التصريحات النظر إلى الدولة الفلسطينية على أنها بناء يشكل تهديدا لإسرائيل.
وهذا رغم كل التأكيدات التي يؤكد عليها الفلسطينيون بدولة سلمية ديموقراطية منزوعة السلاح.هذه التلصريحات تعنى ان سقف إسرائيل في أي مفاوضات فلسطينية قادمه لن يعلو منح مزيد من الصلاحيات لسلطة حكم ذاتى أقل من دوله.
وأن السيطرة على ألأرض ستكون لإسرائيل. وحقوقا في المجال الإقتصادى وتسهيل ظروف المعيشة . وفى السياق نفسه هذا ما يؤكد لنا حرص إسرائيل على التعامل مع غزه كحاله سياسيه منفصله مستقله ، لأن هذا يشكل احد أهم المقاربات التي تؤكد وجهة نظر إسرائيل أن الفلسطينيين لا يحق لهم قيام الدولة ، ومن ناحية أخرى ما هو البديل لعدم قيام الدولة من وجهة النظر هذه؟البديل الأول سلطات حكم ذاتى موسعه في الضفة وغزه، وثانيا فكره الوطن البديل في ألأردن،
وثالثا إحياء مشاريع الربط بين الضفة وألأردن وغزه ومصر ، ولا مانع مستقبلا من صور لشكل من أشكال الكونفدراليه الثلاثيه أو الرباعيه.ولا تمانع إسرائيل كبديل ان يمارس الفلسطينيون الدولة في صورتها الخارجية البرتوكوليه.
وجهة النظر تفرض على الفلسطينيين مراجة خياراتهم ومقارباتهم ,وأولها إنهاء الإنقسام والمضى قدما في إجراء الانتخابات وبناء المؤسسات السياسية الشرعية والقوية , وثانيا العمل الجاد على تفعيل دور المسؤولية والشرعية الدولية في الإعتراف بالدولة الفلسطينية والعمل على تحويل وضع فلسطين في ألأمم المتحده من دولة مراقب إلى دولة كاملة العضوية تحت الاحتلال، وعندها يصبح من مسؤولية الأمم المتحده إنهاء الاحتلال عن دولة كاملة العضوية فيها. ومراجعة مقاربة وماهية المقاومة والتركيز على مقاربة الحقوق والتمييز العنصرى التي تمارسها إسرائيل على الشعب الفلسطيني , والتركيز بشكل جدى وقوى على ان البديل امام إسرائيل النضال من اجل دولة واحده لكل مواطنيها.
هذا وفى أدبيات الدول ليس مهما أن تعترف إسرائيل بقيام الدولة الفلسطينية فالإعتراف حالة ثنائيه،ـ المهم الإعتراف العالمى ، وأيضا إستكمال مقومات الدولة الفلسطينية داخليا وإنتزاعها بالقوة والنضال السلمى من إسرائيل, وتخيير إسرائيل بين القبول بحل الدولتين او حل الدولة الواحده والإستمرار في المقاومة بكل اشكالها وهى الوسيلة الوحيده التى لا تستطيع إسرائيل البقاء معها. فإسرائيل من نماذج الدول القوية في التعامل مع الدول الأخرى، لكن إسرائيل ومن منظور بنيتها المجتمعيه الداخليه لا تقدر على مواجهة المقاومة الداخليه كما رأينا في الحرب الأخيرة على غزه وما قام به عرب الداخل من إحتجاجات.
ويبقى أن تدرك إسرائيل والإدارة الأمريكية انه لا بديل ولا مفر من قيام الدولة الفلسطينية , لسبب بسيط ان ال13 مليونا يسعون ويناضلون ان تكون لهم دولتهم التي تعبر عن هويتهم الوطنية لا العيش في هويات وطنيه أخرى. والتأكيد ان بقاء إسرائيل بالسلام مع الفلسطينين وبقائها مرتبط ببقاء الشعب الفلسطينيى وبعدها يمكن البحث عن مشاريع للتعايش السياسيى والإقتصادى والمجتمعى . وهذا هو الحل.
"أمد"