20 عاما للوراء..
خاص|| هل تكرر طالبان سيناريو "1996- 2001"؟
خاص|| هل تكرر طالبان سيناريو "1996- 2001"؟
سلوى عمار: وكأن عجلة الزمن دارت إلى الخلف عشرين عاماً، ففي غضون أيام قليلة تمكّنت حركة طالبان من السيطرة على كامل أفغانستان، فيما يُشبه سيناريو الاستحواذ ما بين عامي 1996 و 2001، لتُصبح التأكيدات أن طريق العودة للحكم بشكل فعلي بات قاب قوسين أو أدنى.
تسهيلات أمريكية لمنح طالبان سيطرة مجانية على أفغانستان
سيطرت حركة طالبان على أفغانستان بعد حوالي 20 عاما من طرد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة لها من البلاد، وبدون أن تلقى مقاومة تذكر من القوات المسلحة الأفغانية.
وأظهرت مشاهد متلفزة، عشرات من مقاتلي حركة طالبان يسيطرون على القصر الرئاسي في كابول ويحتفلون بـ"انتصارهم" على الحكومة الأفغانية.
وتحدثت تحليلات عدة عن تسهيلات أشبه بالمنحة، قدمتها أمريكا لـطالبان بعد اتفاق بينهما على الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ليخلو الجو للحركة وتمهّد الطريق لها بالسيطرة وقد كان.

مشهد الفرار يشبه يوم الحشر
فيما يشبه يوم الحشر، يوم يحاول الجميع الفرار من مصير محتوم، سادت حالة من الفوضى العارمة في مطار كابول تسببت بمقتل 5 أشخاص على الأقل إثر تجمهر عدد كبير من الأفغان في مسعى للخروج من البلاد إثر دخول مسلحي حركة طالبان العاصمة.

وما كان من الرئيس الأفغاني أشرف غني، إلا أن يهرب من البلاد بسياسة ترك الأرض المشتعلة تتآكل، وقد برر موقفه بالقول إنه اختار مغادرة البلاد لتفادي إراقة الدماء مع دخول حركة طالبان القصر الرئاسي في كابول، وأضاف أن طالبان انتصرت، وهي مسؤولة الآن عن شرف الحفاظ على بلادها، وتابع:"إنهم يواجهون حاليا تحدّيا تاريخيا جديدا. إما أن يُحافظوا على اسم أفغانستان وشرفها وإما أن يُعطوا الأولويّة لأمكنة أخرى وشبكات أخرى".
وأكد المستشار المستقيل لرئيس أفغانستان، طارق فرهادي، أن 200 مسؤول فروا مع أشرف غني من البلاد، موضحاً أن الرئيس أشرف غني أصبح من القادة السابقين بعد هروبه.
وجاء التعقيب من جانب طالبان، بإعلان النصر والاحتفال به في القصر الرئاسي الذي سيطرت عليه، حيث كان رحيل رئيس البلاد عن السلطة من أبرز مطالب الحركة خلال مفاوضات استمرّت شهورا مع الحكومة الأفغانية، وهو ما رضخ له غني بعدما أعلن مراراً وتكراراً تمسكه بالسلطة.
وأعلن ممثل المكتب السياسي لحركة طالبان في قطر، سهيل شاهين، أن حكومة أفغانية جديدة ستضم أولئك الذين لم يكونوا أعضاء في الحركة، وقال شاهين، "عندما نتحدث عن حكومة إسلامية أفغانية منفتحة يعني ذلك أن الأفغان الآخرين سيكونون أيضا جزءا من الحكومة".
وأشار شاهين إلى أنه من السابق لأوانه الآن تحديد المسؤولين من الحكومة السابقة الذين سينضمون إلى الحكومة الجديدة، مضيفاً أن طالبان تريد أن تدخل شخصيات معروفة الحكومة الجديدة.
هذا، وكان مسؤولون في حركة طالبان، أعلنوا سابقاً لصحيفة "تايمز" البريطانية أن الحركة لا توافق على تشكيل حكومة انتقالية.

أمريكا.. كلمة السر
وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أكد أن واشنطن أخبرت طالبان أنها سترد بشكل حاسم لو تعرض أي من موظفيها للخطر، مؤكداً أنه لم يتوقع أن تتقدم حركة طالبان بتلك السرعة، وأن أفغانستان ليست فيتنام، مع لفت النظر إلى نجاح الولايات المتحدة في مهمة وقف الهجمات ضدها.
كما أضاف بلينكن، أنه ليس من مصلحة بلاده ببساطة، البقاء في أفغانستان، وتابع "فترة وجودنا هناك كانت ضعف فترة الوجود الروسي".
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، إنها أبلغت الكونغرس بتخطيط طالبان لمهاجمة القوات الأمريكية إن تأخر الانسحاب.
وزارة الخارجية الأمريكية، أعلنت أن الجيش الأمريكي أمّن محيط مطار كابول، وأنه تم إخلاء سفارة واشنطن في العاصمة الأفغانية بالكامل، مؤكدة أن العلم الأمريكي سُحب من سفارة الولايات المتحدة في كابول.
وقال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس، إنه بعد ساعات من سيطرة طالبان، تواجد جميع أفراد السفارة في مبنى مطار حامد كرزاي الدولي الذي يؤمّن الجيش الأميركي محيطه.
كما أفاد مسؤول أمريكي، بأن قوات أمريكية أطلقت النار في الهواء بمطار كابول لمنع مئات المدنيين من الوصول إلى مدرج الطائرات، موضحة أنه كان من الصعب التحكم في الحشد، فإطلاق النار في الهواء كان فقط لمنع حدوث فوضى.
وبعد أن رفع الرئيس الأمريكي جو بايدن، عدد جنوده إلى خمسة آلاف نشروا في مطار كابول لتنفيذ عملية الإجلاء التي تشمل 30 ألف شخص، قرر بعدها إرسال ألف جندي إضافي.
وواصلت مروحيات أمريكية طلعاتها المتواصلة بين السفارة الأمريكية وهي مجمع ضخم يقع في المنطقة الخضراء المحصنة وسط العاصمة، والمطار الذي أصبح الآن الطريق الوحيد لمغادرة البلاد.

المجتمع الدولي يدخل على خط الأزمة
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية و65 دولة آخرى، في بيان مشترك، أن المواطنين الأفغان والأجانب الذين يريدون الفرار من أفغانستان يجب أن يسمح لهم بذلك، محذرة طالبان بأن عليها أن تتحلى بالمسؤولية في هذه المسألة، ونقلت دول أخرى منها ألمانيا وفرنسا وهولندا أفراداً من طواقمها الدبلوماسية في كابول إلى المطار تمهيداً لإجلائهم.
وأفادت مصادر برلمانية، بأن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ستطلب تفويضاً من النواب لنشر ما يصل إلى مئات الجنود لإتمام عملية الإجلاء، كما أعلنت دول أخرى أعضاء في حلف شمال الأطلسي بما في ذلك المملكة المتحدة وإيطاليا والدنمارك وإسبانيا، عن إجلاء طواقمها الدبلوماسية، وكذلك السويد.
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، نشر تعزيزات عسكرية فرنسية في دولة الإمارات العربية المتحدة لتسهيل إجلاء الرعايا الفرنسيين من كابول، وأعلنت وزارة الخارجية السعودية أن جميع أعضاء بعثتها الدبلوماسية تم إجلاؤهم من كابول.
كما أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، أن أول عملية إجلاء جوي ينظمها الجيش الفرنسي بين قاعدته في الإمارات والعاصمة الأفغانية مقررة اليوم، مؤكدة أن هناك عشرات الفرنسيين يجب إجلاؤهم وكذلك الأشخاص الذين هم تحت حماية فرنسا، كما جددت فرنسا رغبتها في مواصلة حماية شخصيات المجتمع المدني الأفغاني والمدافعين عن حقوق الإنسان والفنانين والصحافيين المهددين بشكل خاص بسبب التزاماتهم.
وأعلنت كندا الإغلاق المؤقت لسفارتها مساء الأحد، مضيفة أن الموظفين الكنديين في طريقهم للعودة إلى بلادهم، كما أعلنت لندن إرسال حوالى 600 جندي لإجلاء الرعايا البريطانيين، فضلاً عن تحدث وزارة الدفاع الإيطالية عن وصول أول طائرة عسكرية لبدء عمليات الإجلاء الطارئ، بينما أبلغت الدنمارك والنروج عن الإغلاق المؤقت لسفارتيهما في كابول بينما تخطط فنلندا لإجلاء ما يصل إلى 130 عاملاً أفغانياً.
وقالت وزيرة الخارجية السويدية آن ليندي، إن بين الذين تم إجلاؤهم مترجمين أفغانٍ وموظفين محليين آخرين، وقالت هولندا إنها ستستقبل مترجمين أفغانا وغيرهم من موظفي السفارة.
وكان الاتحاد الأوروبي شدد في وقت سابق على أن سيطرة طالبان على كابول تزيد من الطابع المُلحّ لحماية الموظفين الأفغان من أي أعمال انتقامية قد تستهدفهم، ساعياً إلى تأمين سلامتهم.
روسيا.. موقف مثير
أكدت وزارة الخارجية الروسية، أن تنظيمات إرهابية قد تستغل الفراغ في أفغانستان وتشكل خطرا على حلفاء موسكو، مشيرة إلى أن طالبان لا تمثل تهديداً لآسيا الوسطى، وأن موسكو لن تستعجل الاعتراف أو عدمه بالسلطة الجديدة، وأن الأمر يعتمد على سلوكياتهم.
وقالت الوزارة، إنه لا يمكن الحديث حالياً عن استبعاد طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية وهذا الإجراء يجب أن يبدأ من قبل مجلس الأمن الدولي، منتقدة عدم صدور أي بيان أمريكي بشأن الانتهاكات في أفغانستان.
وأكد موفد الكرملين إلى أفغانستان زامير كابولوف، أن روسيا لا تخشى من أن تصبح أفغانستان تشبه داعش، وقال إنه في السنوات الأخيرة لم يزود أحد حركة طالبان بالسلاح.
وتابع، أن روسيا ودولًا أخرى بالغت في تقدير القوات المسلحة لأفغانستان، وأن استيلاء طالبان على كابول كان مفاجأة إلى حد ما، جاء ذلك، فيما أكد وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، أن الوقت غير مناسب الآن للحديث عن اعتراف بسلطة طالبان.
وهو الأمر الذي يتوقف عنده الوضع الراهن، فهل تحارب دول العالم حركة طالبان.. أم سترضخ وتعترف بسلطتها فيما يشبه الرضا بالأمر الواقع؟.