نشر بتاريخ: 2018/12/02 ( آخر تحديث: 2018/12/02 الساعة: 03:34 )
حسن عصفور

بوش الابن وغرينبلات وبناية العار لـ "قيادة فلسطينية أفضل"!

نشر بتاريخ: 2018/12/02 (آخر تحديث: 2018/12/02 الساعة: 03:34)

عندما أعلن رئيس الحكومة الفاشية في إسرائيل يهودا براك، لحظات بعد انتهاء قمة كمب ديفيد 2000، بأن الرئيس ياسر عرفات لم يعد شريكا في عملية السلام، أدرك الخالد الشهيد المؤسس للكيانية الفلسطينية المعاصرة، ان المواجهة الأكبر قادمة، سياسيا وعسكريا، وبدا يستعد لها بكل ما تتطلب تلك المواجهة من ضرورات.

ويوم 28 سبتمبر (أيلول) 2000، أطلق مجرم الحرب شارون شرارة المواجهة بمحاولة اقتحام المسجد الأقصى بحماية مئات من جيش الاحتلال، لتبدأ المعركة مع تصدي أبناء القدس فكانت بداية المواجهة الكبرى التي امتدت 4 سنوات انتهت باستشهاد ياسر عرفات عبر عملية أمنية معقدة، لا تزال الأطراف المحلية المشاركة خارج المحاسبة الوطنية.

بالتوازي مع المعركة العسكرية لدولة الكيان، انطلقت خيوط "مؤامرة سياسية" لحصار أبو عمار، قبل ان تبدأ رحلة حصاره العسكرية، تطبيقا للإعلان "الباراكي"، ان عرفات لم يعد "شريكا"، والبحث عما اسموه الرجل المناسب لشراكتهم السياسية في مرحلة لاحقة.

في 24 يونيو (حزيران) 2002 أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش ما اسماه رؤية أمريكية للشرق الأوسط و"حل الدولتين"، ومن أجل تحقيق ذلك طالب بضرورة اختيار "قيادة فلسطينية جديدة" لا صلة لها بـ "الإرهاب".

رؤية لا صلة لها بحل الصراع رغم كل طلاء الأكاذيب السياسي، لكنها وضعت أسس التغيير المراد تنفيذه لتأكيد المطلب الإسرائيلي بـ "إزاحة العقبة العرفاتية" من طريق تمرير مشروع "التهويد التوراتي" بعد رفضه الصريح في كمب ديفيد لأي بعد تهويدي للقضية الفلسطينية.

وبسرعة غير متوقعة بدأت "خلية فلسطينية" برئاسة محمود عباس للترويج لما أسموه بـ "رؤية بوش"، عبر "خلايا عنقودية" متعددة الأسماء، أشهرها ما اسماها الشهيد المؤسس أبو عمار بـ "خلية بناية العار"، التي عملت من أجل تنفيذ الخطة الأمريكية، وشعارهم أن القضية الفلسطينية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه هو الأساس وليس الأسماء مهما كانت "قدسيتها".

بدأت المخابرات المركزية نشاطها لتنفيذ خطة بوش للخلاص من أبو عمار، عبر فكرة تأسيس منصب رئيس الوزراء لتنتقل له غالب الصلاحيات، بحيث يصبح "الحاكم الفعلي"، وتهميش كلي للرئيس ياسر عرفات، وحددت واشنطن بالتوافق مع حكومة إسرائيل الجديدة برئاسة شارون، محمود عباس دون غيره لهذا المنصب، وبعد عدة أشهر تم لهم ذلك، وخلال فترة وجيزة كشف البعض عن مخططه الحقيقي بـ "إزاحة" أبو عمار عمليا، فأطلق صرخته الشهيرة حول "كرازي فلسطين" ومؤامرته لتمرير خطة بوش.

في نوفمبر 2004 تمكنت قوى التنسيق الأمني -السياسي  من اغتيال ياسر عرفات وفتح الباب لعباس رئيسا.

في 30 نوفمبر 2018، وبعد 16 عاما ونصف، خرج جيسون غرينبلات، مبعوث ترامب لعملية السلام في الشرق الأوسط، ليعلن عبر مقالة له نشرت بالإنجليزية والعربية، عن ضرورة وجود قيادة فلسطينية أفضل، مقالة شرحت تفصيلا أسباب تلك الدعوة، وضرورتها كما يرى لتغيير يجلب "الرفاهية للشعب الفلسطيني" (حدد المطالب والتوجه للضفة فقط).

المفارقة، ان أمريكا بعد أن نالت كل ما حلمت به، بل وما لم تتوقعه من تدمير المشروع الوطني الفلسطيني خلال العهد العباسي، بدأت تتحدث عما بعد مرحلته، لكنها لا تجد "شريكا" إسرائيليا معها ولا توجد بناية عار ولا كرازي، ليس لعدم القدرة بل لأن سلطات الاحتلال ليست على عجلة من تنفيذ الرغبة الأمريكية بخلق "كرازي 2"، فهي تعمل على ترسيخ "مشروعها التوراتي" دون أدني عرقلة، بل وبمساعدة عملية من أجهزة سلطة عباس.

التوجه الأمريكي بداية لتحضير مسرح الواقع السياسي في الضفة الغربية، بعد عباس، وبعض هدفه تغذية "الصراع الداخلي" في حركة فتح (م 7) للشخصية المطلوبة، بدأت بعض خيوطه تظهر الى العلن دون إعلان صريح.

غرينبلات، بدعوته تلك لن يذهب الى الطريقة البوشية -الشارونية لإزاحة عباس لكنه المح أنه زمنه قد انتهى، ويجب تهيئة القادم بعيدا عن أي مواجهة عسكرية، كما حدث بين عام 2000 الى 2004 أو حصار مقر عباس، أو أي شكل مما كان مع الخالد أبو عمار.

مرحلة "البديل" بدأت، تلك هي الرسالة الأبلغ لمقال مبعوث ترامب!

ملاحظة: مفارقة تستحق قراءة خاصة من "التحالف العباسي"، اعتصام آلاف في رام الله ضد قانون الضمان، ولم نجد عشرة اشخاص يتظاهرون لصالح معركة القدس كما يدعي بعض ناطقي المقاطعة، معقول مش قادرين تشوفوا "عزلتكم"!

تنويه خاص: مع فتح ملف التنظيم السري لحركة النهضة واغتيال بلعيد والبراهمي، تدخل تونس مرحلة لن تفلت منها حركة النهضة ما لم تعلن اعتذارا عن جرائمها وتصويبا شاملا لمسارها..عفكرة لم تتضامن أمريكا، أوروبا وقطر وتركيا مع المغتالين!