السلطان البائس.. مجرم حرب
محمد مطر
السلطان البائس.. مجرم حرب
حاويتا أسلحة قادمتان من تركيا تحطان الرحال فى ميناء الخمس البحرى الذى يبعد نحو 120 كلم شرق العاصمة الليبية طرابلس، وزير الخارجية التركية مولود أوغلو وهو الناطق الرسمى والممثل للسياسة الخارجية التركية يؤكد فى زيارته المفاجئة على رأس وفد تركى إلى ليبيا أنه لا يعلم شيئاً عن هذه الشحنات وبالتالى فإن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لا يعلم هو الآخر شيئا عن هذه الأسلحة القادمة من بلاده.
الرجل الذى جاء ليبحث التعاون الاقتصادى بين بلاده وليبيا ويسعى إلى عودة الشركات التركية لإعادة الإعمار، ويشدد على تفعيل المشاريع المتوقفة فى مجالى الكهرباء والطاقة هو نفسه من خلال حكومة بلاده يشارك فى خراب هذا البلد ويدعم الجماعات الإرهابية المتطرفة بإمدادها بالسلاح خارج نطاق الدولة الليبية الرسمية. العملية لم يتم الإفصاح عنها إلا عندما كشفها المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبى الذى يواجه الإرهاب المسلح فى ربوع بلاده والذى تعتبره تركيا وقطر وجماعة الإخوان الإرهابية عدواً شرساً ضدهم.. الباخرة التى أبحرت من ميناء مرسين جنوب تركيا وتم ضبطها فى ليبيا كانت محملة بأطنان من الأسلحة والذخيرة والمعدات الحربية بهدف الاغتيالات والجريمة المنظمة وصناعة الإرهاب.
حقيقة الأمر أننا لو اعتبرنا أن السلطات الرسمية التركية تعلم بهذه الجريمة فإن أنقرة تصبح بذلك عاصمة الإرهاب الدولى بامتياز!، وإذا افترضنا جدلاً أن رئيس الدولة التركية ووزير خارجيتها وكبار مسئوليها لا يعلمون شيئا عن هذه الأسلحة المهربة من داخل بلادهم، وأن هذه الرواية الكاذبة غير المقنعة يمكن القبول بها!! هنا تتراقص علامات الاستفهام والتعجب ويصبح السؤال المطروح: من إذن المسئول؟! . الدليل واضح وضوح الشمس فى الجريمة التركية من خلال القبض على باخرة الأسلحة المهربة التى لم تكن الأولى، حيث سبقتها منذ أسابيع شحنة السفينة أندروميدا التى احتجزتها السلطات اليونانية وهى فى طريقها من تركيا إلى ليبيا بحمولة 500 طن من المتفجرات و200 طن من نترات الأمونيوم.
حقيقة الأمر فإن السؤال المطروح يجب أن يكون: ماذا سيفعل المجتمع الدولى حيال رئيس دولة انتهك قوانين مجلس الأمن ومواثيق الأمم المتحدة، والشرعية الدولية ليرسل أسلحة إلى دولة محظور السلاح إليها ليشعل فيها الفتن والحروب وينشر فيها التطرف والإرهاب ويهدد السلم والأمن فى المنطقة؟ وأحسب أنه وبهذا المنطق أيضا يجب السعى إلى تدويل قضية الأسلحة المهربة وعرضها على مجلس الأمن الدولى وتوجيه الاتهام إلى الرئيس التركى باعتباره مجرم حرب. ويقينى أن الرجل الذى يوصف بأنه مصاص الدماء وقاتل الأطفال ومنتهك الحرمات وراعى الإرهاب يجب ألا يكون ناصحاً وواعظاً وحكيماً ولا ينبغى عليه التحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث أسفرت حملته الموسعة على شعبه منذ محاولة الانقلاب الفاشل إلى خضوع ما يقرب من نصف مليون شخص لتحقيقات جنائية، واعتقال ما يقرب من 100 ألف شخص بينهم أكثر من 320 صحفياً.
واعتقد جازماً أن الرجل الذى أصبح تابعاً وخادماً وخانعاً عليه أن يتعامل بالأمر المباشر صاغراً مع الرئيس السورى بشار الأسد بعدما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها ليست معنية بالتخلص من الأسد، الذى انقلب عليه أردوغان الذى كان يذهب مع شريكه أمير قطر السابق إلى قصره فى أعالى جبل قاسيون على أطراف دمشق.
الأهرام المصرية