مناكفات سياسية غير مسؤولة وراء قرار حل المجلس التشريعي
عليان عليان
مناكفات سياسية غير مسؤولة وراء قرار حل المجلس التشريعي
ما أن أعلن رئيس السلطة الفلسطينية عن قرار حل المجلس التشريعي تنفيذا ً لقرار المحكمة الدستورية - المختلف حول قانونية إنشاءها- حتى ووجه هذا القرار بالانتقاد والرفض من قبل غالبية الفصائل الفلسطينية ، حيث أجمعت كل من الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب ، وحركة فدا ، والمبادرة الفلسطينية ، وحركة حماس ، والجهاد الإسلامي ، ولجان المقاومة على رفض القرار واعتباره قراراً سياسياً ، ولا سنداً قانونياً له في النظام السياسي الفلسطيني ، في حين لم يقف معه سوى حركة فتح – حزب السلطة - وبعض الفصائل الصغيرة ، ما يعني أن قيادة السلطة في واد وبقية الفصائل التي تشكل أغلبية الساحة الفلسطينية في واد آخر.
ورغم أن كل مؤسسات السلطة الناجمة عن أوسلو غير مأسوف عليها ، إلا أن المجلس التشريعي في تركيبته ونظام تأسيسه خرج عن منطوق أوسلو ، في ضوء أن أوسلو (2) نصت على إقامة مجلس إداري منتخب وفق صلاحيات خدمية تتعلق بالماء والكهرباء والصحة والتعليم ..ألخ ،لا يحق له ممارسة أي دور سياسي أو تشريعي ، ولم تنص على إقامة مجلس تشريعي ، ما اعتبر في حينه نجاحاً نسبياً للرئيس الراحل ياسر عرفات ، وتجاوزاً جزئياً لاتفاقات أوسلو حيال هذه المؤسسة بالذات ، وهو ما شكل مبرراً للفصائل الفلسطينية للمشاركة في انتخابات المجلس التشريعي .
وفي ضوء أن هذه المؤسسة خرجت عن السياق الأوسلوي ، رأينا هذا الاحتجاج الواسع جداً من قبل الفصائل الفلسطينية على قرار ما تسمى بالمحكمة الدستورية الذي أعلنه رئيس السلطة بشأن حل المجلس التشريعي ، رغم أن مؤسسة التشريعي معطلة منذ الانقسام ما بين فتح وحماس منذ عام 2007 بعد أن سيطرت حركة حماس على قطاع غزة.
وخطورة هذا القرار تكمن فيما يلي :
أولاً : أنه قرار أحادي الجانب من قبل رئيس السلطة وحركة فتح ، وليس قرار ناجم عن حوار وطني شامل تشارك فيه جميع الفصائل ، وينطوي على تجاهل كامل لمؤسسات منظمة التحرير " اللجنة التنفيذية ، المجلس الوطني ، المجلس المركزي".
ثانياً : أنه يتجاهل بند أساسي في اتفاق المصالحة الذي ترعاه مصر ، والذي ينص على تفعيل المجلس التشريعي في هذه المرحلة ، باعتباره حلقة في تفعيل المصالحة.
ثالثاً : أن القرار منسوب إلى مؤسسة ذات منشأ غير قانوني" المحكمة الدستورية " يريد رئيس السلطة فرضها على النظام السياسي الفلسطيني ، إذ كيف يتم تشكيل محكمة دستورية في ظل عدم وجود دستور للسلطة ، فالأساس القانوني أن يكون هنالك دستور يشكل مرجعية للمحكمة الدستورية.
رابعاً : أنه يصب الزيت على نار الانقسام بين غزة ورام الله ، ناهيك أن القرار ارتبط بدعوة رئيس السلطة لانتخابات التشريعي في غضون ستة أشهر ، وتجاهل ما جاء في اتفاقات المصالحة بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية ، وانتخابات المجلس التشريعي ، وانتخابات المجلس الوطني في وقت واحد ، على أن تجري انتخابات التشريعي والوطني على قاعدة التمثيل النسبي ، ما يمكن من تشكيل ائتلاف وطني للحكم ، دون انفراد طرف بالسلطة .
لقد أجمعت الفصائل الفلسطينية الرافضة لقرار حل المجلس التشريعي على المخاطر سالفة الذكر ، ومن ثم فإن جهد السلطة وقيادة المنظمة يجب أن ينصب على إتمام المصالحة وعلى الوحدة الوطنية ، وليس الدخول في مناكفات داخلية، خاصةً وأن المهمة المركزية في هذه المرحلة هي التصدي لصفقة القرن التصفوية، وللهجمة الاستيطانية غير المسبوقة ، ما يتطلب تفعيل المقاومة بكافة أشكالها .