نشر بتاريخ: 2019/04/03 ( آخر تحديث: 2019/04/03 الساعة: 01:39 )
حسن عصفور

تصريحات هنية خطوة ...ولا زالت خطوات!

نشر بتاريخ: 2019/04/03 (آخر تحديث: 2019/04/03 الساعة: 01:39)

لا يكفي أن تخرج قيادات حركة فتح (م7) وتيارها الفصائلي، بالحديث عن "المؤامرة الأمريكية" لفصل قطاع غزة، رغم ان الحقيقة تقول خلاف لذلك، حيث تهويد الضفة والقدس تحت سمع وبصر تلك المنظومة الحزبية، على طريق إقامة "دولة اليهود القومية"، وبالتالي تتعرض للفصل السياسي - الجغرافي، وليس لثابت جغرافيا ومساحة ومكانة كما قطاع غزة.

المؤامرة السياسية يتم تنفيذها بتسارع غير معقول، فيما تكتفي فتح وفصائلها بالصراخ أنها لن تسمح بتمريرها، وأن لا قوة يمكن أن تتجاوزها، رغم أن كل المؤشرات تشير الى غير ذلك، حيث تطور الأحداث وتذهب بعيدا عنها، ولم تعد تشكل "اثرا فعليا" في المشهد سوى طابعها "الرسمي"، ولعل قمة تونس وما شهدته تؤكد أن قيادة سلطة الحكم المحدود تعيش في حالة "عزلة خاصة"، بسبب غيابها عن الفعل والمواجهة، والاختباء وراء "حصن الشرعية".

مقابل ذلك السكون، يعيش قطاع غزة حالة كفاحية خاصة، كرستها مسيرات كسر الحصار، وكان يوم 30 مارس نموذجا للمقارنة بين "سكون كفاحي كامل" في شمال "بقايا الوطن" في حين جنوبه (قطاع غزة) شهد أحد أكبر المظاهرات الشعبية.

حركية قطاع غزة، فرضت حركية سياسية تهدف الى فرض ""تفاهمات إنسانية" قد تصبح "تفاهمات سياسية" ما لم تسارع قيادة فتح (م 7) لاستدارك الأمر، والكف عن سلبيتها والتقوقع خلف "جدار الشرعية"، فتلك لن تبقى حارسا الى الأبد يحمي من لا يستحق.

ما يحدث في قطاع غزة، تأسيس لمشهد فلسطيني بعلامات تختلف عما سبق، وسيقال يوما ما قبل مسيرات كسر الحصار وما بعدها، وكلما تأخرت فتح (م7) عن الحضور لبناء المشهد الوطني الجديد كلما ابتعدت عن مستقبل يتشكل، بعيدا عن التصريحات التي تخلو من "الدسم السياسي"، وتغلفها بعضا من "اقوال عاطفية"، ولعل ملامة عضو قيادي من تيار الرئيس عباس بمشاركة فصائل رئيسية في منظمة التحرير في سياق "البناء الجديد"، ليس سوى مؤشر اولي.

يبدو، ان قيادة حماس بدأت تستوعب بعضا من حقيقة المتغيرات، بأنه لا يمكنها الاستمرار في ثقافة الخطف السياسي، وان القادم يتطلب ضرورة التغيير، والتغيير الحقيقي وليس المصلحي (الانتهازي)، لمتطلبات المرحلة الجديدة، بأنها ليست وحدها، ولن تكون، وقطاع غزة يحمل مخزونا يختلف كثيرا عما اعتقد البعض.

يوم 2 أبريل 2019، عقد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية لقاء مع نخبة من الساسة والكتاب، تحدث بلغة وأفكار بعضها يمكن اعتباره يحمل مختلفا من حيث طبيعة العمل المشترك، وثقافة الاعتذار، رغم ما شابها من انحناءة للماضي الحمساوي، فيما يتعلق بحراك "بدنا نعيش"، بل انه وكذا يحيى السنوار تعاملا مع الشعار كحق وردداه على طريقتهما الخاصة، لكنهما أثبتا حق المضمون الذي خرج من أجله عشرات آلاف من أبناء القطاع.

أشار هنية، الى ان التطورات الأخيرة هي نتاج "شراكة سياسية"، والتي تتطور من خلال العمل والمواجهة، ما يعكس أن المكتسبات لم تعد تقتصر فقط على قيادة حماس، بل هناك "شركاء" لها، ورغم انه لم يحدد طبيعة تلك "الشراكة"، لكن الاعتراف يؤسس لقادم لن يطول، وتلك رسالة تستوجب الاهتمام، ما لم تصاب بنكسة ما، كما يعتقد البعض الفلسطيني نتيجة لتجارب حماس السابقة.

تأكيد وجود شراكة في مجمل المشهد العام في قطاع غزة، لا يقتصر على تيار الإسلام السياسي، بل يضم ولأول مرة عمليا فصائل رئيسية مؤسسة في منظمة التحرير الفلسطينية تتجه لبناء "قيادة سياسية في قطاع غزة"، في حين تفك ارتباطها عمليا بقيادة تيار الرئيس عباس.

وبعد تشكيل حكومة فتح في رام الله، سيكتشف البعض ان التغيير في ميزان القوى السياسي يميل كثيرا نحو قطاع غزة، بعيدا عن أي تأويلات، ما دام "السكون" سيد المكان في شمال بقايا الوطن، وحركية في جنوبه.

حماس أدركت طبيعة المشهد القائم، فبدأت تتعامل وفقا لمتطلباته، لذا كانت تصريحات هنية كخطوة ملموسة نحو ما عليها فعله للمتغير، لكن أمامها كثيرا من الخطوات كي يرى الشعب فيها صدقا وليس كلاما، تكريس ثقافة الشراكة وثقافة الاعتذار مع تجسيد المحاسبة...خطوات لا زالت قيد الانتظار.

بالتأكيد، لا زال البعض، وهو على حق، يتشكك في جوهر موقف حركة حماس، كونه نابع من أهداف متفرقة وليس رؤية سياسية شاملة، لكن من حقها أيضا عدم تجاهل ما يحدث، وألا تبقى "النوايا" ناظما في الحكم عليها.

ملاحظة: انتصرت الجزائر شعبا وجيشا ومؤسسة، استقال الرئيس بوتفليقة فكان الفرح العام...درس ديمقراطي جديد لا يجب ان يمر كحدث وفقط، القيمة السياسية فيما كان جزائريا درس من نوع جديد، فلا التاريخ كاف ولا الخداع ممكن!

تنويه خاص: تصريحات منسق الأمم المتحدة ملادينوف، ان أزمة قطاع غزة لا حل لها سوى بالحل السياسي، رسالة تستوجب التفكير جدا...