خاص بالفيديو|| النساء المعنفات.. معاناة مستمرة وتضحيات لا تنتهي
خاص بالفيديو|| النساء المعنفات.. معاناة مستمرة وتضحيات لا تنتهي
غزة- محمد عابد: تعاني زوجات المدمنين في قطاع غزة الأمرين، وتجدن أنفسهن وحيدات بمواجهة ظروف الحياة في ظل تخلي الزوج عن مسئولياته تجاه أسرته، وأكثر من ذلك يتحملن سوء معاملة الأزواج وعنفهم الذي لا تتحمله الجبال، كل ذلك في سبيل الإبقاء على صرح الأسرة، خاصة في ظل وجود أبناء.
أحداث مبكية مؤسفة، تلك التي تعيشها أسرة أبتلى ربها بتناول المخدرات، إنها نتيجة منطقية لما تفرزه هذه الآفة من أعراض وأمراض، تئن تحت وطأتها الأسر.
أم أحمد وأطفالها التسعة بين الجوع والضرب المبرح
التقت "الكوفية"، بـ"أم أحمد"، أحدي النساء المعنفات والتي تعرضت للعنف بسبب إدمان زوجها لـ"عقار الترامادول"، أم أحمد قالت:"بدأت حياتي سعيدة مع زوجي الذي كان يعمل موظفًا في السلطة الفلسطينية، وأنجبنا 9 أطفال، كنت أشعر بأنني أسعد زوجة في الدنيا، وسرعان ما أنقلبت حياتنا رأس علي عقب بعد أحداث الانقسام، حيث بدا زوجي بتعاطي عقار الترامادول الذي انتشر في قطاع غزة بشكل جنوني، وكان كلما أنقطع هذا العقار بدأ يبرحني ضربًا، ولم يقتصر الضرب فقط عليا بل كان يطال بناتي وأطفالي، منذ بدء العقوبات علي غزة، أصبح راتب زوجي قليل جدًا لا يكفي لشيء، ولكنه كان ياخد الراتب ويشتري به عقار الترامادول، ويتركنا دون أن ينظر لوجوهنا، وحين أتحدث معه وأطلب أي شئ من مستلزمات المنزل كان يضربني بشكل جنوني، وفي كل مرة أذهب إلي منزل عائلتي كان والدي يقول أنه يجب أن أتحمل لكي أعيش، ولكي أربي أطفالي".
مسلسل العنف الذي يمارسه زوجي بحقي
تابعت أم أحمد حديثها لـ"الكوفية"، وبتنهيدة عانقت حدود السماء قالت: "لم تنجح محاولاتي المتكررة في نصحه، كنت كما لو أني أضرب في حديد بارد، لجأت إلى عائلته واستنجدت بهم في نصحه وإرشاده للعلاج، ولكن دون جدوى، وما زاد الأمور سوء حين أصبت أنا بالسرطان، فقد بات يأخذ المسكنات الخاصة بمرض السرطان وأدمن علي تعاطيها، ليصبح يتعاطاها حين لا يتوفر لديه ثمن الترامادول، وحين أقوم بتخبئتها عنه فأني أري أبشع أنواع العذاب منه، إن الشئ الوحيد الذي يجعلني أتحمل هذا كله هو أطفالي الصغار وبناتي فقط".
أم العبد ضحية أخري لزوج مدمن عقار الترامادول
أم العبد فتاة في مطلع الثلاثينات، تزوجت وهي في مرحلة الطفولة، لتصبح طفلة ولديها طفلة عليها الاعتناء بها، أنجبت أربعة أطفال وهي لم تكمل الـ25 عام.
ونتيجة للزواج المبكر كان أطفالها أشبه ما يكونوا بحاملي أمراض أو معاقين, أحدهم يعاني من التأخر العقلي علي الرغم من أن عمره 6 سنوات، والأخرى طفلة صغيرة تعاني ما تعانيه من إضطراب نفسي بسبب خوفها من والدها الذي يبرحهم ضربًا ليل نهار.
تقول أم العبد في حديثها لـ"الكوفية" :"لطالما عانيت مع زوجي, ولطالما ضربني, ولكن والدي ووالدتي كانوا دائمًا يقوموا بإعادتي له، وذلك بسبب الأطفال، ولأن والدي ووالدتي يخافوا من كلمة مطلقة، زوجي يعمل سائق سيارة أجرة، ونحن نعيش في منزل قمنا باستئجاره بعد تعرض منزلنا للقصف، وطمع أهل زوجي في المنزل المقصوف".
رحلة الإدمان وتراكم الديون
أدمن زوجي علي تعاطي الترامادول بشكل كبير، وكل ما يقوم بتحصيله من رزق السيارة يقوم بشراء الترامادول به، وبين كل شهر وأخر يقوم صاحب البيت الذي نستأجره بطردنا منه، وننتقل إلي منزل أخر ولكن دون جدوى، الديون تحاصرنا من مكان إلي أخر بسبب إنفاق كل ما يدخل جيبه علي المخدرات، ويقوم أصحاب السيارات التي يعمل عليها بملاحقته بعد قيامه بسرقة أموالهم، ويأتوا إلي المنزل ويهددوني ويعتدون عليا بشكل شخصي، وكلما تحدثت مع والدي ووالدتي قالوا عليك أن تتحملي لأن لديك أطفال، ولا أحد من عائلته يفكر في علاجه، وأنا كرهت شكل هذه الحياة التي لا لون لها ولا رائحة سوي رائحة القرف الذي ينبعث من فمه وهو يدخن سيجارته سوي".
ضرب جنوني نتيجته كسر اليد وجرح في الرأس
تضيف أم أحمد، "كلما صدر أي احتجاج أو اعتراض مني علي شكل هذه الحياة، يقوم بضربي، لدرجة أنى في أحدى المرات قد كسرت يدي، ومرة أخري قد فتحت رأسي"، ولكن دون أن يتعظ، وتضيف:" صحيح أنا بنت ناس وبنت أصول ولكن لن أستطيع تحمل هذا الحال أكثر من ذلك، وسأترك الأطفال له وحده، لقد مللت الضرب والإهانه والصراخ والضجيج، لقد أصبحت أعشق ساعة خروجه من المنزل كي أتمكن من احتضان أطفالي، لأنهم سبب قبولي بهذه الحياة، هذه ليست حالتي فقط ولكن هناك سيدات في غزة يذقن الأمرين مع أزواجهن المدمنين، ويتحملن المعاناة والألم بسبب الأطفال".
غياب القانون
الدكتورة سناء عودة، الإخصائية النفسية، أكدت أن أحد أسباب العنف ضد النساء يرجع لتعاطي الأزواج المواد المخدرة، مشيرة إلى أن العنف ضد النساء يزداد بسبب عدم تفعيل التشريعات والقوانين في فلسطين لملاحقة وعقاب الأشخاص الذين يمارسون العنف ضد النساء.