الانتخابات.. "أم العقد" في مسار المصالحة الفلسطينية!
حسن عصفور
الانتخابات.. "أم العقد" في مسار المصالحة الفلسطينية!
بعيدا عن لا مصداقية البيانات التي تصدر من حركتي فتح وحماس، حول استمرارهما التواصل لبناء "شراكة وطنية" استراتيجية، لكن الواقع يقول بلغته انهما أبعد مما كان عن تلك "الشراكة اللغوية" التي يصرخان بها، لغياب أي خطوة عملية يمكنها أن تمنح الفلسطيني بعضا من مصداقية لكلام المناسبات المضغوط.
من المفارقات التي تستحق الانتباه، أن الطرفين لا يتفقان فيما بنيهما على ما هي "العقد" التي عرقلت الذهاب نحو البدء بتلك "الشراكة"، وخاصة ما عرف بتشكيل "جبهة مقامة شعبية" ضد الضم والتهويد، خطوة مفترض أنها لا تحتاج الكثير من قواعد العمل، بصفتها آلية تنفيذية كفاحية ضد العدو القومي، ولا تمس بأي شكل من الأشكال "امتيازات" الحكم لهما، والمطلوب فقط اعلان سياسي محدد حول تلك الجبهة المنتظرة، لكنها لم تر النور ويبدو ان زمنها سيطول.
وافتراضا، انهما توصلا الى تعريف "العقد السياسية" المعطلة، ووضع بعض آليات لكسرها، فهناك ما يمكن اعتباره "أم العقد" التي تمثل البوابة المركزية لأي مصالحة وطنية شاملة وحقيقية، ودونها فكل ما يمكن أن يكون ليس سوى "تعاون وتنسيق" بديلا لاستمرار المواجهة المركبة.
الانتخابات، "أم العقد"، فهي بوابة المصالحة الفعلية، ولا يمكن الذهاب أبعد دونها، والخلاف حولها يطال تعريف الانتخابات، وكيفية العمل وتوقيتها، والقانون الذي سيكون ناظما لها.
والبداية من السؤال المركزي، أي انتخابات نريد، حيث هناك 3 اشكال منها للمناقشة الوطنية، لا يوجد حتى ساعته لا تعريف ولا وضوح حولها، ولكل منها قواعد وآليات لها خصوصية لا تتطابق مع الأخرى، بل ربما تختلف جوهريا عنها.
فمثلا، لو ان الانتخابات هي لمجلس تشريعي للسلطة الفلسطينية، لتجديد شرعية المؤسسة القائمة، فهذا يتطلب، تعريف القانون الأساسي الذي بموجبه ستتم تلك الانتخابات، باعتباره الإطار القانوني لأي إجراءات تتطلبها الانتخابات، وهنا تبدأ عقدة أولى، هل هناك قانون أساسي ام يجب أن يتم صياغته، ومن هي الجهة المكلفة بذلك، وجهة الاقرار صاحبة الولاية الشرعية لذلك.
مسلسل من الأسئلة متعلق بذلك، لا يمكن الاكتفاء بالحديث عن الانتخابات دون وضع الإجابات عليها.
وذلك لا يلغي السؤال المركزي، هل "المصالحة" ستؤدي الى استمرار المرحلة الانتقالية بكل مكوناتها وارتباطها السياسي..أم ماذا؟!
وفيما يتعلق بانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، والذي يشكل حجر الرحى لمسار حماس السياسي، فقد تكون الأسئلة المرتبطة بها، أكثر تعقيدا من الخاصة بالمجلس التشريعي، والبداية ستكون عن آخر مجلس وطني تم عقده في رام الله 2018، حيث شابته مخالفات النظام الأساسي لمنظمة التحرير، تمثلت في استبدال أعضاء بأعضاء دون حق، فيما خالف نص القانون بشطب عضوية أعضاء من التنفيذية السابقين، وعدم انتخاب رئيس للصندوق القومي للمرة الأولى منذ عام 1964.
مجموعة مخالفات قانونية تشكك في "شرعية" المجلس الأخير، فهل سيتم التعامل معها واعتبارها قانونية، ما يفتح الباب لاستمرار "الشبهة القانونية"، لما بعده ما لم يتم تضويحها.
ومرورا على تلك "المخالفات"، هل ستوافق حماس على انتخابات المجلس الوطني وفقا للنظام الأساسي القائم، ام انها ستفتح باب النقاش لصياغة قانون جديد، وبعدها كيف يمكن تنظيم الانتخابات في مختلف مناطق اللجوء والتواجد الفلسطيني، وآلية عقد انتخابات فيها، وفي حال غياب ذلك، ما هي آلية "التوافق البديلة" لذلك، وكيف سيتم تحديدها، وهل سيكون لها "شرعية قانونية" ام تفتح باب الجدل القانوني"..
والمسالة هنا، لا تقاس بما سبق في مجالس وطنية، بل الأمر هنا دخول قوة حزبية تطمح للسيطرة وتحقيق ثقل حقيقي في المجلس الوطني، وعليه لن تقبل بـ "ترضية ما" مقابل استمرار قوة فتح المركزية.
ومن بين المسائل التي قد أصبحت قيد النقاش، مسألة الميثاق الوطني، الذي يجب ان يعاد صياغته بما يتوافق والحالة الفلسطينية الكيانية الجديدة، خاصة لو تطلب الأمر اعلان دولة فلسطين، هل ستصبح دولة لكل الفلسطينيين" ام لسكان أراضي 1967، والتحديد هنا يرتبط بالمسؤولية القانونية الشاملة عن الفلسطيني، ومكانة منظمة التحرير ودورها السياسي والوظيفي ما بعد الدولة.
الأمر ليس ان تبتهج كلاما عن الانتخابات، ولكن كيف يمكن خلق آليات عملية لما تتطلبه في ظل تعقيد خاص بالوضع الفلسطيني.
والجانب الآخر، الذي غاب كليا عن حديث فتح وحماس، هل مسألة إعلان دولة فلسطين لازالت هدفا مباشرا، أم انها هدف مؤجل الى زمن آخر، حيث تحديدها يتطلب التوافق على "انتخابات الدولة"، رئيسا وبرلمانا، أو يتم استبدال الانتخابات بالتوافق على المؤسسات الخاصة، برلمان وحكومة ورئيس، و "دستور" الدولة وجهة الإقرار ومدته وآليته.
مئات الأسئلة التفصيلية التي ستقفز من بين كل خيار من الخيارات الثلاثة، ولا يمكن الاكتفاء بالحديث عن "اتفاق" على اجرائها دون تحديد أجوبة مسبقة عليها... وغير ذلك يبقى كلام لـ "مضيعة الوقت" انتظارا لحدث ما في زمن ما.
ملاحظة: لماذا تطارد أجهزة حماس الأمنية نشطاء حملة "#تسقط_جوال" ...هل ذلك مقابل رشوة أو بحكم أن لها حصة "وظيفية" عبر كبير منها يحتل منصبا رفيعا...قواعد حماس أيضا تتساءل ليش؟!
تنويه خاص: بين "وعد بلفور" ..و"وعد ترامب" لازال "الوعد الفلسطيني" في المسار متحركا، تعطل تعرقل لكنه لم ينته، ولن تكون له نهاية سوى في دولته كاملة الأركان.. وبلا تشويش صهيوني!