نشر بتاريخ: 2020/11/11 ( آخر تحديث: 2020/11/11 الساعة: 05:46 )
بقلم: زلمان شوفال

"معاريف": بايدن والنّقلة المتوقعة

نشر بتاريخ: 2020/11/11 (آخر تحديث: 2020/11/11 الساعة: 05:46)

متابعات: من الزاوية الإسرائيلية، ستكون الأسابيع القريبة القادمة حتى أداء بايدن اليمين القانونية فترة حرجة وحساسة على نحو خاص، يتعين فيها على إسرائيل أن تسير بحذر كي لا تبدو تبتعد بعجلة غير مناسبة عن ترامب، الذي سيكون لا يزال رئيساً، ولكنه سيتعين عليها أيضاً ان تسعى الى حوار مع الإدارة الجديدة، فانتصار بايدن معناه عودة من عالم من العلاقات الودية غير المسبوقة الى عالم جديد – قديم من العلاقات الودية، ولكن لا تنعدم فيها الخلافات. ومن شأن الرئيس الإيراني بخاصة ان يشكل عقبة كأداء؛ فليس واضحاً ماذا سيكون عليه نهج إدارة بايدن في الموضوع. وكما كتب في تقرير معهد السياسة والاستراتيجية: «أمام اسرائيل توجد نافذة زمنية ضيقة كي تؤثر على موقف الولايات المتحدة». معنى الأمر أنه يتعين على رئيس الوزراء منذ المرحلة الانتقالية ان يشرع في اتصالات سرية في الموضوع. كما يتعين على إسرائيل أن تتفكر بخطواتها بالنسبة لسياستها الأمنية العامة في موضوع إيران، بما في ذلك الخيارات التي ألغيت في الماضي.

يعد بايدن صديقاً لإسرائيل وصديقاً أيضا لبنيامين نتنياهو. ولكن الصداقة السياسية هي دوما محدودة الضمان. فالتأييد الثنائي لإسرائيل في الكونغرس لم يختفِ ولكنه ضعف في عهدي ترامب وأوباما، وأحد الأهداف الإسرائيلية الأهم يجب أن يكون ترميمه. وسواء للحكومة أم لليهود الأميركيين الذين صوت نحو 70 في المئة هذه المرة أيضا في صالح المرشح الديمقراطي، وبعض منهم في مواقع مهمة في الحزب، يوجد دور أساسي في هذه المهمة. ولن تتبين تشكيلة مجلس الشيوخ الا في شهر كانون الثاني في أعقاب إعادة الانتخابات في ولاية جورجيا. وبينما يقرر الرئيس السياسة الخارجية فإن لمجلس الشيوخ قدرة على التأثير، خيراً كان أم شراً، وفي المواضيع المتعلقة بإسرائيل يمكنها أيضا أن تحظى بتأييد سيناتورات ديمقراطيين كثيرين، المرشح لرئاسة لجنة الخارجية، السيناتور روبرت ماننداز.

وكما اشارت «الفايننشال تايمز» البريطانية، فقد نجحت السياسة الخارجية لترامب اكثر مما يعترف به منتقدوه. وفي هذا السياق ينبغي الاشارة الى مساهمته في تغيير وجه الشرق الاوسط، تغييراً سترغب حتى الادارة الجديدة في مواصلته وتوسيعه. فبايدن كنائب أوباما لم يتفق دوماً مع سياسته الخارجية؛ فقد عارض مثلاً ترك الرئيس مبارك لمصيره. ولكن لاجل فحص اتجاهات سياسته الخارجية ينبغي الانتظار لنرى من سيعين كوزير للخارجية وكمستشار للأمن القومي. وتشهد الأسماء التي ذكرت حتى الآن ظاهراً على النية للعودة الى خطوط سياسية تقليدية اكثر، وان كانت هذه لا يمكنها أن تتجاهل التغييرات التي طرأت في هذه الأثناء.

ومع ذلك، فاليسار في الحزب الديمقراطي الذي حظي بتعزيز في مجلس النواب حذر بايدن منذ الآن من ان يتجاهل مواقفه. والناطق الرئيس بلسان اليسار هو بن رودس، نائب مستشار الامن القومي السابق للرئيس أوباما، والذي يعارض بشدة ميول السياسة الخارجية المتبلورة لبايدن وكذا الشخصيات المتماثلة معهـ، وهو يدعو الى الغاء العلاقات «الهدامة» مع السعودية والامارات، وإدارة كتف باردة لحكم الرئيس السيسي في مصر، و»لإملاء الحل على الطرفين» في الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني. فاليسار يطالب بتقليص ميزانية الدفاع، رفع العقوبات عن إيران وفنزويلا واشتراط المساعدة الأمنية لإسرائيل بـ «تغيير موقفها من الفلسطينيين». ويقول أصدقاء أميركيون لي إن بايدن سيقف كالصخرة المنيعة في وجه هذه الميول، ولكن المستقبل فقط سيظهر إذا كان حقا، مثلما قال، «الحزب الديمقراطي هو أنا».

في كل حال سيواصل اليسار السعي الى إحداث التغييرات، مثلما قالت عضو الكونغرس ألكساندرا اوكسيو – كورتيز، من زعمائه البارزين: «أعتقد أننا سننجح في دفع بايدن الى اتجاه تقدمي (أي يساري) أكثر، والسياسة الخارجية هي مجال هائل لدينا القدرة على تحسينها». في وقت المداولات على برنامج الحزب، حاولت المجموعة التقدمية المناهضة لإسرائيل واللاسامية في بعضها، والتي تستعين بجيمس الزغبي، رئيس المعهد العربي الأميركي، ان تدرج فيه بنودا مناهضة لإسرائيل، قامت الأغلبية بازالتها. ولكنها نجحت بالفعل في أن تدرج فيه بندا يعارض «توسيع المستوطنات». من جهة أخرى، شجب البرنامج أيضا نشاط الـ BDS.

اعلن بايدن عدة مرات بان التزامه بأمن إسرائيل هو «التزام حديدي»، وبالفعل فان كل المؤشرات تظهر انه سيواصل التعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك في مجال المساعدة المباشرة وفي مواضيع أخرى أيضا، بما فيها تلك ذات الحساسية الخاصة. وعل أي حال فان تغييرا واضحا قد يقع في الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني. صحيح أن السفارة الأميركية ستبقى في القدس، ولكن ربما سيعاد فتح القنصلية الأميركية في شرقي المدينة، وستتخذ خطوات لترميم العلاقات بين واشنطن والسلطة الفلسطينية، ولكن بتقنين. ولكن في موضوع النشاط الإسرائيلي خلف الخط الأخضر، قد تسود أجواء غير مريحة لإسرائيل.

وكانت المرة الوحيدة التي اتخذ فيها بايدن، عندما كان رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ، لغة قاسية بالحديث معي كانت عندما أقيمت مستوطنة جديدة. واضح أيضا ان موضوع السيادة الإسرائيلية في المناطق سيجمد في السنوات الأربع القادمة. ولكن أجزاء أخرى بمبادرة ترامب كفيلة بان توجه أيضا سياسة بايدن، وذلك ضمن أمور أخرى، لأن توسيع العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي هو مصلحة أميركية أيضا، وعلى إسرائيل ان تعمل على أن تبقى هكذا.

 

«معاريف».. الايام