في تغطيتها الإخبارية ذكرت مقدمة برنامج إخباري في إذاعة الكيان باللغة العربية صباح يوم الاثنين (إيمان القاسم)، وبعد أن أدانت عملية الخضيرة بكل الأوصاف، أشارت الى أن قمة النقب الوزارية التي ستفتتح يوم 28 مارس 2022، تتجاهل كليا القضية الفلسطينية والفلسطينيين، كلمات ربما تبدو أكثر حكمة بكثير من الساسة الذين سارعوا لإدانة العملية مجردا، ومن ايدها مجردا لأنها قتلت من قتلت بينهم أحد أفراد الطائفة الدرزية من حرس الحدود.
عملية الخضيرة، وهي الثانية خلال عدة أيام تنفذ بأيدي شباب من الفلسطينيين الذين يحملون الهوية الإسرائيلية، بعد عملية بئر السبع يوم 22 مارس، الذي نفذه الشاب أبو القيعان ردًا على قهر مخزون، تشير الى أن هناك جديد قد يبرز في الفترة القادمة، ونقل بعض النشاطات المسلحة داخل دولة الكيان من خلال سكانها الفلسطينيين.
عملية الخضيرة تكتسب بعضا من قيمتها السياسية ليس فيما حدث من قتل لأشخاص، بل في توقيتها السياسي "الساحر" بكل معنى الكلمة، خاصة وأن الفعل المباشر من الضفة وقطاع غزة غاب بالمعنى التأثيري، رغم بيانات أطلقتها الفصائل التي فقدت كثيرا من بريقها وأهميتها، بل تحولت الى نص روتيني، ربما لا يحتاج القاري ليقرأ جديدها، غياب فعل لحسابات غير مفهومة وغير مبررة.
عملية الخضيرة، وأن تبنتها "داعش" الإرهابية، فهي تعويض عملي عن فقدان القدرة الكفاحية الفلسطينية، التأثير على مجرى التطورات الأخيرة، والاستخفاف غير المسبوق بالقضية الوطنية، وصل الى محاولة تمجيد مؤسس دولة الفصل العنصري بن غوريون، ليكون قبره مكانا لعقد قمة وزارية بمشاركة عربية، ليس بغياب ممثل فلسطين فحسب، بل بغياب فلسطين ذاتها.
عملية الخضيرة، أي كان وصفها، هي رسالة مكثفة جدا، أن القفز عن "الفلسطيني" مهما كانت حالته السياسية، ليس سوى وهم مركب، وأن كل الطرق تصبح مشروعة لتأكيد تلك الحقيقة التاريخية، ولعل إدانة الوزراء المجاورين لقبر بن غوريون هي استدراك معاكس لما سيكون، مع محاولات التغافل عن "أصل الحكاية" في الصراع القائم.
كان الأكثر قيمة وطنية، لو دعت حركة فتح كل قوى الشعب بدون تمييز بين مسمياته وألوان راياته للقيام بيوم غضب وطني عام في الضفة والقدس وقطاع غزة، وبالتنسيق مع لجنة المتابعة بالداخل ليكون الرد الكفاحي الفعلي على محاولات تجاهل ما لا يمكن تجاهله فلسطين الوطن والقضية.
عقد "قمة النقب" الوزارية، وبجوار مجرم الحرب الأول في الكيان، الذي قاد عصابات القتل والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني ما قبل 48، ثم ارتكابه مجزرة دير ياسين أبريل 1948، لازالت حتى تاريخه تنتظر العقاب العام، كان للانعقاد أن يكون مفجر حراك شعبي في كل بلدة فلسطينية فوق أرض فلسطين التاريخية، ويعيد للذاكرة وحدة الشعب في "يوم الأرض" الذي يطل علينا في يوم 30 مارس.
ارتعاش القيادة الرسمية الفلسطينية، التي تم رشوتها بلقاء الوزير الأمريكي، ومعها كل الفصائل التي خرجت ترقص فرحا بفوز ممثليها في انتخابات بلدية، تعكس أن الممثلين الرسميين (سلطات وفصائل) خارج الوعي الوطني والقدرة على التفكير بما يعيد للقضية بريقها الذي انتكس في زمنهم الانقسامي.
عملية الخضيرة، بكل ما عليها من وصمة داعشية، لكنها جاءت لتدق الجرس ان التجاهل لفلسطين لن يمر، وأن محاولات "دهس القضية الفلسطينية" سيرد عليه بـ "دهس من يريد دهسها" تلك هي القضية!