غزة – محمد جودة: يستمر الخلاف والانقسام داخل حركة فتح للعام التاسع على التوالي، نتيجة قرارات وخطوات غير مبررة اتخذها الرئيس محمود عباس، ضد قيادات فتح في غزة، تبعها فصل وظيفي وتنظيمي لمئات الكواد والنشطاء، ونحن في الذكرى الـ١٥ لرحيل الزعيم الفلسطيني الخالد ياسر عرفات، نستحضر روح الشهيد الرمز ونستذكر أسلوبه في إدارة الأزمات الوطنية على كافة، ومن بينها تباين وجهات النظر آنذاك في داخل حركة فتح، فكان هذا الحوار مع الدكتور يوسف عيسى مسؤول حركة فتح "ساحة أوروبا" والرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي في غزة.
من خلال تجربتكم داخل الحركة ومعرفتكم ومتابعتكم لمسيرة الخالد عرفات.. هل كان لفتح أن تنقسم أو يتعرض الآلاف من أبنائها لهذا الظلم المجحف؟
بداية لا يسعني إلا أن أترحم على أرواح الشهداء الذين مضوا على درب الحرية والاستقلال، وعلى رأسهم قائدنا ومعلمنا ورمز مسيرتنا الأخ أبو عمار.
بالتأكيد لا يمكن أن يتم ذلك، وكيف كان سيجرى ما جرى حتى الآن في عهد رائد مدرسة المحبة ومرسي معالم منهج التسامح التنظيمي والوطني الذى لم تنحرف بوصلته عن وجهتها على مدى العقود التي قاد فيها فتح، والحركة الوطنية الفلسطينية، فقد كان الأخ أبو عمار كبيراً فى فعلة وحركته، وكان قلباً واسعاً يتسع للجميع، ولم ينزل لصغائر الأمور، ولم يشخصن المسائل، كان يغضب ويفرح فقط من أجل فلسطين وكرامة أبنائها، ولذلك لم يسجل عليه موقف تجاوز فيه أخلاق الخصومة، فلم يخاصم أو يصالح إلا في سبيل تحقيق المصلحة الوطنية العليا، وتعزيز صمود شعبنا وصون كرامته، فهل سجل على الشهيد أبو عمار أن حارب المناضلين فى قوت أولادهم، وهل قطع راتب شهيد، وهل جوّع عائلة أسير، وهل افترى كذباً على المناضلين، وهل قدس العلاقة مع المحتل، وهل حابي أحدا من أبناء عائلته وقدم مصالحهم على حساب المصلحة الوطنية، وهل أخرج الفتحاويين من سياق الحركة بالفصل والإقصاء أو انقلب على قيادة الحركة المنتخبة، أو تجاوز النظام الداخلي؟؟!!.
مئات الأسئلة التي يعرف إجابتها الفتحاويون جميعا ويحفظونها عن ظهر قلب، حتى شكّلت دستورًا أخلاقيًا للحركة وشيفرة القيم الموحدة لفتح والتي وضع معالمها الشهيد أبو عمار مع إخوته الكبار من الآباء المؤسسين الذين لن تجد فيهم جاحدًا أو حاقدًا.
كيف ترى الفارق بين العهدين؟
إن المقارنة بين عهدين فيها ظلم كبير وتجنٍ على كل الوطنيين والفتحاويين الذين نظمت علاقاتهم محبة فلسطين والذود عنها والسعي نحو حريتها واستقلالها، فالوحدة الوطنية كانت شعارا قولا وفعلا عند الزعيم الخالد، لذلك وجدناه قريبا من أحمد ياسين، رغم الاختلاف السياسي، وكذلك مع جورج حبش، وحتى مع الكثير داخل حركة فتح الذين كانوا يختلفون معه ولا يختلفون عليه.
هل ما سبق كاريزما مفتقدة لا يجيدها كل البشر؟
أبو عمار رحمه الله كان وطنياً جامعاً يحتوي الجميع وكان يشعر أن جميع أبناء الشعب الفلسطيني هم أبناؤه، وعلى مختلف مشاربهم الفكرية والسياسية والعقائدية، وكان مسافة البعد والقرب منهم بالنسبة إليه هى مسافة بعدهم أو قربهم أو التصاقهم بقضية شعبهم، وكيف لا وهو أبو الوطنية الفلسطينية وصاحب مدرسة ديمقراطية غابة البنادق، ومرسي معالم ثورة بندقية الثائر وريشة الفنان ومبضع الجراح وقصيدة الشاعر، ولذا رحمه الله كان يجمع ولا يفرق ويجيد استخدام الخلاف الفلسطيني الداخلي ويعتبره أداة قوة، فلم يقطع شعرة معاوية مع أي فصيل فلسطيني، ولم يكن الصندوق القومى سيفاً على رقاب التنظيمات، ولم يشترط الاتفاق السياسي معه ومع نهجه كشرط للحصول على الحقوق، ولم يصف أحدًا من أبناء شعبه بالمتسول، ولم يدفع أحدًا ليستجدى حقوقه، كان رحيماً متسامحاً مع أبناء شعبه، وأسدًا هصورًا مع أعدائنا، ولهذا حاز احترام الكل الوطني .
فعلاً إنها كاريزما القائد، الذى يلهم أبناءه ويحثهم على الوحدة والتماسك والتعاضد والمحبة والتضحية والإقدام والتنافس فى خدمة شعبهم، هكذا كان أبو عمار وعلى هذا مضى وقضى على درب التمسك بالوحدة الوطنية التي هي أقصر الطرق للانعتاق من نير الاحتلال وتحقيق أهداف شعبنا بالحرية والاستقلال وتقرير المصير.
هل من كلمة للفتحاويين في ذكرى الخالد عرفات؟
أقول للكل الفتحاوي، إن علينا التمسك بمبادئ ياسر عرفات وأخلاقياته ومنطلقاته وعلينا بتجاوز الخلاف والتمسك بفتح وأخلاقها والعمل على رفعتها وإعادتها إلى روحها الكفاحية والوطنية وأن نستثمر الجهد والوقت والإمكانيات في سبيل نهضتها وإعادة بنائها على أسس كفاحية حتى تعود إلى دورها الريادي في قيادة المشروع الوطني.
هكذا كانت فتح، وهكذا أراد لها الأخ الشهيد أبو عمار أن تكون، وهذا تحدٍ لكل فتحاوي فهل نحن على قدر التحدي؟!.