غزة: نظم المركز الفلسطيني للحوار الديمقراطي والتنمية السياسية في غزة، اجتماعا ضم نخبة من المفكرين والباحثين والسياسيين اليساريين في غزة وبالتواصل مع بيروت لمناقشة أزمة المشروع الوطني، ومعوقات وحدة اليسار الفلسطيني، وكيفية التغلب على هذه المعوقات وتجاوزها باتجاه الوصول إلى خارطة طريق للوصول إلى أعلى درجات التنسيق بين قوى اليسار، على طريق الوحدة كضرورة موضوعية في ظل التنافس في الساحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس.
وقال رئيس المركز الفلسطيني للحوار الديموقراطي والتنمية السياسية الدكتور وجيه أبو ظريفة، أن هذا الاجتماع يأتي ضمن مبادرة أطلقها المركز لإعادة فتح نقاش جدي حول اليسار الفلسطيني ودوره ومكانته في الحركة الوطنية الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني، وكيفية تجاوز الأزمة الحالية التي تشهدها قوى اليسار سواء على المستوى السياسي أو المستويات الحزبية والتي تهدد دور ومكانة هذه القوى التي كان يجب أن تكون الخيار البديل للقوى المتصارعة على امتيازات الحكم والتي دفعت بالقضية الوطنية ومصالح الشعب الفلسطيني إلى منعطفات خطيرة.
وقدم المفكر الفلسطيني من بيروت الدكتور ماهر الشريف، مداخلة تحدث فيها عن التحديات التى تواجه القضية الوطنية سواء بتهديد الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية أو محاولات تجاوز التمثيل الفلسطيني الموحد ممثلا بمنظمة التحريرالفلسطينية، أو عبر مشاريع التسوية التى تنتقص من الحد الأدنى لحقوق الشعب الفلسطيني.
وأكد الشريف، على الضرورة الملحة لإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وخاصة وحدة قوى اليسار والقوى الديموقراطية الفلسطينية من أجل مواجهة التفرد والإقصاء داعيا إلى معالجة الأخطاء التى تسببت بفشل محاولات الوحدة سابقًا والتي كان آخرها التجمع الديمقراطي الفلسطيني، الذي تجمد عند مواجهة أول اختبار بعد تشكيل الحكومة الفلسطينية الحالية.
وقدم المفكر الفلسطيني غازي الصوراني، تأصيلا فكريًا لضرورة وحدة قوى اليسار الفلسطيني وأهمية حسم مسالة التماهي بين قوى اليسار والقوى اليمينية وقوى الإسلام السياسي، مطالبا قوى اليسار واليساريين بإعلاء شأن القضايا المجتمعية والطبقية، من أجل مواجهة القوى التي تحولت بفعل الواقع أو امتيازات الحكم إلى أرباب عمل للجماهير تستغلهم بدلًا من تقديم الحماية لهم.
وطالب الصوراني، بالعمل السريع من أجل النهوض بتحالف ديمقراطي تقدمي يستطيع أن يشكل بديلا حقيقيا يدافع عن حقوق الناس في مواجهة الأزمة القائمة وطنيًا واجتماعيًا واقتصاديًا.
وتحدث النائب جميل مجدلاوي، عن ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة التي لم تنجح لتجميع اليسار الفلسطيني على قاعدة النقد الجاد، ومراجعة أسباب الفشل ومعالجة الأخطاء، وخاصة أن جزءًا كبيرًا منها هي عوامل ذاتية وشخصانية أحيانا وليست عوامل موضوعي.
وأكد مجدلاوي، أنه لا تزال هناك فرصة، حتى وإن كانت غير مضمونة النتائج، للعمل على وحدة قوى اليسار أو تجمع يساري ديمقراطي يشكل طريقا ثالثًا ويمتلك قدرة على التأثير، أكبر من قدرة قوى اليسار متفرقة.
وقال الباحث والكاتب السياسي تيسير محيسن، إن الساحة الفلسطينية تحتاج إلى برنامج تنويري وطني تقدمي يواجه حالة الالتباس في الوعي التي يعيشها الشعب الفلسطيني بفعل الانقسام والاحتلال، مؤكدا أن النضال الوطني يحتاج إلى تكامل الجميع وإعادة النقاش حول كافة القضايا المطروحة سواء في التسوية السياسية أو أدوات النضال أو الاصطفاف السياسي، مما يستدعي طرح أسئلة معرفية حول الواقع الفلسطيني، تساهم في فهمه وتحليله بشكل سليم لضمان مواصلة الطريق نحو التحرير والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وقدم الكاتب محمد حجازي، مداخلة حول دور الشباب في تشكيل الخارطة السياسية الجديدة في الواقع الفلسطيني، خاصة وان الأجيال الجديدة تختلف في طريقة التفكير والاهتمامات وأدوات العمل عن الأجيال الحالية، التي تقود الحركة الوطنية عموما وأحزاب اليسار بشكل خاص، مما خلق حالة من الاغتراب بين القوى والمجتمع الذي يغلب عليه طابع الشباب.
وتحدث طلعت الصفدي، عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، عن أهمية فتح نقاش مجتمعي موضوعي دون تشاؤم لمناقشة الأزمة الفكرية والسياسية وغيرها وإعادة قراءة الواقع بشكل نقدي وعدم التسليم بالحالة القائمة مستفيدين من أدوات التحليل المادي الجدلي التي يجب على اليسار ألّا يخرج عنه، من أجل وحدة الاستنتاجات والسياسات.
وطالب الدكتور عماد أبو رحمة والباحث إسماعيل مهرة والسياسي رائف ذياب والسياسي عطا أبو رزق، بضرورة التغيير الشامل في بنية الأحزاب اليسارية وقياداتها وخوض المعارك الوطنية والاجتماعية ومواجهة التحديات بالمجتمع والتواصل مع الأجيال الجديدة.
واختتم اللقاء بمجموعة من التوصيات؛ أهمها استمرار فتح النقاش وتوسيع دائرته والاستعانة بتجارب مختلفة، من أجل الدفع بقوى اليسار واليساريين لإيجاد الوسيلة الأنجع لإنجاح نموذج يساري وحدوي مختلف عن التجارب السابقة.