3 فبراير 2020، لقاء الرئيس السوداني البرهان في عنتيبي الأوغندية مع رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي، يعيد ذكرى لقاء وزير حرب الكيان أرئيل شارون مع الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري في نيروبي الكينية مايو/ ايار 1982، فتلك ليست المرة الأولى أن يكون لقاء رئيس سوداني بممثلي الكيان، وكلاهما كانا في زمن عربي مسود سياسيا.
لقاء البرهان مع رأس الطغمة الفاشية نتنياهو، ليس الأول ولن يكون الأخير عربيا فمن يعتقد غير ذلك فهو جهول سياسي، بل يمكن القول أن غالبية الدولة العربية لها علاقات مع الكيان علنية منها وشبه علنية وغير معلنة، لكنها معلومة جدا، ولو اريد تعداد من لا يملك سيكون الرقم مخيبا جدا للآمال، فغالبية دول الخليج عدا الكويت (مع وجود زيارات شخصية للقدس) تتمتع بعلاقات معه، المغرب العربي (عدا الجزائر وليبيا)، مصر، الأردن، السلطة الفلسطينية، سوريا ملتبسة العلاقة، فيما العراق بعض مكوناته السياسية لها صلات واضحة.
لذا لا يوجد في الواقع أي حالة اندهاش في كشف علاقات عربية بشكل أو بآخر بالكيان، لكن المفارقة الأبرز، هي ان "الرسمية الفلسطينية"، ومنذ وصول الرئيس محمود عباس الى منصبه رئيسا نتاج مؤامرة اغتيال الخالد المؤسس أبو عمار، طالب بكل السبل زيادة حجم الزيارات الى القدس، تحت ذريعة زيارة السجين لا تعني زيارة السجان، دون تدقيق فعلي في أن تلك مقولة غبية سياسية، كون الزيارات أي كان نوعها تتطلب موافقة أمنية – سياسية إسرائيلية.
ولم يقتصر الأمر عند تلك المقولة الغبية، بل ان السلطة ذاتها لعبت دور السمسار في فتح باب علاقات عربية مع الكيان، وأبرزها الصمت الكلي على الدور القطري في نسج علاقات متكاملة مع تل أبيب، وترتيبات خاصة لدعم الانقسام والانقلاب، دون ان يكون لرئيس السلطة وفصيلها الرئيسي فتح أي مشهد غضب على الدور القطري مع الكيان.
في يوليو 2016، قام اللواء السعودي أنور عشقي بزيارة الى إسرائيل، واعلن يومها أن ذلك تم بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية (كان أمين سر مركزية فتح - م 7- جبريل الرجوب المنسق والمرافق له في تلك الزيارة).
في 25 /26 أكتوبر 2018، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بزيارة مفاجئة الى عُمان، بعد زيارة قام بها الرئيس محمود عباس، وللمفارقة كان برفقته الرجوب ذاته في22 أكتوبر 2018، أي قبل زيارة نتنياهو بأيام، ما يؤكد ان السلطة وافقت عليها، خاصة وأنها لم تصدر أي بيان رسمي ترفض تلك الزيارة المفاجئة.
وفي يونيو 2019، قام خالد الحميدان رئيس الاستخبارات السعودية بزيارة الى إسرائيل، كشفت وسائل إعلام انه زار رام الله والتقى مدير مخابرات السلطة الفلسطينية ماجد فرج.
السلطة الفلسطينية هي من كان قاطرة فتح الباب لذلك "الاختراق" الإسرائيلي "العلني" للمنظومة الرسمية العربية. وهي من ساهمت عمليا في ترتيبات لبعضها.
لقاء البرهان مع نتنياهو، جزء من مسلسل تقوم به الإدارة الأمريكية ليس لتطبيع علاقات فقط، بل لحصار القضية الفلسطينية، وكسر شوكة شعبها، بأنه لم يعد هناك عمق عربي حقيقي لحماية ما يمكن حمايته من "بقايا مشروع"، وأن لا خيار للفلسطيني سوى الموافقة على ما سيكون عرضا سياسيا بمسمى خطة ترامب.
بعد جلسة مجلس الأمن 11 فبراير 2020، ستبدأ مرحلة جديدة في حصار الطرف الفلسطيني، ما لم يقدم على خطوات خارج الحسابات التقليدية والسلوك السياسي البليد.
ملاحظة: حسنا فعلت الفصائل الفلسطينية بغضبها على لقاء البرهان ونتنياهو، لكنها لن تكون صادقة أو مؤثرة ما لم تكن بذات الموقف مع غيرهم...الناس مش نعسانة ابدا يا فصائل الغفلة!
تنويه خاص: مسؤول فتحاوي كثيرا ما يتحدث دون تفكير فيما يقول، بيحكى أن الموقف الأوروبي أفضل من العربي من خطة ترامب...طيب يا عبقرينو شو موقفكم أولا غير البعبعات!