غزة ـ عمرو طبش: لم يكن يوم الواحد والعشرين من أغسطس/ آب 2007، عادياً على عائلة المواطن وليد وشاح، بعد إصابته بأربع عشرة رصاصة اخترقت جسده الأعزل على أحد الحواجز التابعة للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية.
بدأت الحكاية المؤلمة، عندما خرج وليد من منزله الواقع في مدينة جنين إلى شاحنته التي كان يعمل بها في توصيل البضائع إلى مدينة نابلس، ولكن أثناء مروره بحاجز تابع للاحتلال حدث ما لم يكن بالحسبان.
بدأ وليد بالسير في شاحنته اتجاه الحاجز حتى يسمح له بالدخول إلى المنطقة المراد توصيل البضائع لها كالمعتاد، ولكن لوهلة مئات الطلقات النارية ترشق اتجاهه، ومن بين تلك الطلقات اخترقت أربعة عشر طلقة مناطق مختلفة في جسده.
أصيب وليد في رقبته، كتفيه، يديه، قدميه، صدره، بطنه، ظهره، وركبتيه، ليفترش الأرض بجوار شاحنته وتتلطخ بدمائه الطاهرة.
وليد وشاح "45 عاماً"، يعيش داخل منزل لا تتجاوز مساحته الـ60 متراً في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة، حيث كان يمكث منذ عشرات السنوات في الضفة الغربية مع زوجته، وهو واحد من آلاف العمال الفلسطينيين الذين يتعرضون للانتهاكات بشكل يومي من قبل قوت الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية.
يروي المواطن وليد وشاح تفاصيل قصته في سعيه للقمة العيش لـ"الكوفية"، موضحًا أنه بعد إصابته وإجراء العمليات اللازمة له في مستشفيات الضفة خلال أيام قليلة تم إبعاده مباشرة إلى قطاع غزة من قبل الاحتلال، على الرغم من عدم اكتمال علاجه، إذ أنه أصيب بشلل رباعي لمدة ست سنوات وهو لا يستطيع الحركة.
وأضاف، أن حالته تحسن كثيرا لكنه أصبح واحدًا من ذوي الإعاقة الحركية، ليلازمه مقعد متحرك، بعد الشلل الرباعي ومعاناة 6 سنوات وخضوعه للعلاج في غزة، فبدأ بالتوجه إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، ومؤسسة الشهداء والجرحى للمطالبة بصرف راتب شهري لعدم قدرته على العمل وإعالة أسرته، ولكن الوزارة طلبت مستندات وصفها "بالتعجيزية"، وبناءً عليه فلم يصرف أي إعانة حتى الآن.
ويشير وشاح إلى أنه "بعد ما لقيت حالي ما في عندي شؤون وراتب من الجرحى وحسيت حالي بشحت منهم، فاختصرت على نفسي واستغليت شهادة دبلومة الكهرباء للعمل في هذا المجال متحدياً إعاقتي"، مبيناً أنه بدأ في العمل بالكهرباء من داخل منزله، حيث عدد من الجيران بعد معرفتهم بأنه يقوم بإصلاح الأجهزة الكهربائية، فبدأوا بجلب جميع الأجهزة التالفة إليه ليقوم بإصلاحها.
وأضاف، أنه بعدما وجد إقبالا كبيرا عليه، قرر شراء كشك صغير من جاره لا يتجاوز المترين، نظراً لعدم قدرته على استئجار محل، متابعاً أن هذا الكشك الصغير يضم جميع معداته وأجهزة الموطنين التي يقوم بتصليحها بشكل يومي.
ويقول وشاح، "الحمد لله الي سنة فاتح، وعايش من وراء الشغل هذا، وكل الناس بتعرفني وبيجوني من كل المناطق في قطاع غزة، عشان سمعة شغلي ممتازة والناس واثقة فيا، مش بيجوني شفقة مثل بعض الناس ما بيقولو".
ويوضح، أن العائد المادي الذي يأتي له من هذا العمل معقول، ولكن في الوقت الحالي في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع يكون العائد قليلا، وفي بعض الأحيان لا يوجد دخل أبداً، "طبعاً هذا رزق من رب العالمين بس الحمد لله على كل شيء".
وكشف وشاح عن أهم الصعوبات التي واجهته، منها صعوبة التنقل بين المنزل والكشك الصغير، وكذا ضيق مساحة الكشك الذي لا يتجاوز المترين، إذ أنه عندما يدخل ويخرج من الكشك يواجه صعوبة كبيرة جداً من الحركة بداخله.
ويطمح إلى أن يمارس عمله في إصلاح الأجهزة الكهربائية في محل كبير وواسع يستطيع الحركة في داخله، منوهاً سبب عدم انتقاله لمحل واسع نظراً لعدم قدرته على دفع الإيجار، لأنه هو العائل الوحيد لأسرته.