منذ وضع صائب كوفية عرفات على كتفيه في الجلسة الاحتفالية بافتتاح مؤتمر مدريد والى ان وافته المنية، ظلت الكوفية التي هي عنوان الثورة حاضرة في فكره وسلوكه والتزامه.
لقد حولها من عنوان الى الهام، وصنع منها حاجزاً لا يخترق..مكتوب عليها ممنوع التفريط والتنازل مهما تعاظمت الضغوطات واشتدت.
كان عنوان التفاوض الفلسطيني الاسرائيلي. ومن خلال لقبه المتداول "كبير المفاوضين"، أثري العنوان بمضمون وطني. والتزام عميق. فكرهه عشاق التفريط والتنازل وأحبه عشاق الوطن المتطلعين لنيل حقوقهم التي ضحى لابسو الكوفية الاصلاء بحياتهم لبلوغها.
لم يكن التفاوض حياته مع انه أصدر كتابا بعنوان "الحياة مفاوضات"... كان وطنيا اولا ومقاتلا دائما. وبحكم كونه عصريا يعيش قوانين الحداثة قدم مفهومه للمفاوضات على انه قتال الحق امام الباطل والحقيقة امام الزيف.
المفاوض الذي يرسله اهله كي يعود إليهم بحقوقهم ويثقون به، هو فدائي الوعي وثائر العدالة، وحامل امانة الصدق في اداء مهامه حتى بلوغها او الموت دونها.
خفت عليه حين أجري العملية الخطرة التي كانت السبب لتغلب كوفيد-19 عليه، وارسلت له عبر جريدة القدس التي عمل فيها، برقيه عنونتها " سلامات يا ابو علي". وها هي لعبه القدر تجعلني اكتب رحمك الله يا صديقي، لم تفتقدك موائد المفاوضات التي هي امتداد لساحات القتال بل افتقدك الوطن والناس.