شعبان فتحي: ما بين الرفض والاستنكار واتهامات بخيانة القضية، جاءت بيانات الفصائل الفلسطينية، لتعبر عن غضبها من القرار الذي اتخذته السلطة بعودة التنسيق الأمني والمدني مع سلطات العدو الإسرائيلي، الأمر الذي دفع حركة الجهاد الإسلامي لوصف القرار بأنه "تحالف مع الاحتلال بدلًا من التحالف الوطني".
وعبّرت الفصائل الفلسطينية في بياناتٍ منفصلة، عن رفضها إعلان السلطة الفلسطينية عودة التنسيق الأمني والمدني مع إسرائيل، وقالت: "إن هذه الخطوة ضربت عرض الحائط بكل القيم والمبادئ الوطنية".
دحلان: فقدنا ورقة تفاوضية ثمينة مع إدارة بايدن
قائد تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح محمد دحلان، أكد أن "قرار العودة للتنسيق الأمني أفقدنا ورقة تفاوضية ثمينة مع إدارة جو بايدن".
وطرح "دحلان" عدة تساؤلات حول قرار السلطة الفلسطينية بإعادة التنسيق الأمني، قائلاً، هل انتفت الأسباب التي بنت عليها السلطة قرارها بوقف التنسيق، حتى تقرر فجأة إعادته.
وكتب دحلان تدوينة عبر صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، جاء فيها:
عودة السلطة الفلسطينية للتنسيق الأمني قرار يتطلب تقييماً موضوعياً بعيداً عن المهاترات والتضليل، لذا سأكتفي حالياً بطرح بعض التساؤلات، فمثلاً هل انتفت الأسباب التي بني عليها قرار وقف التنسيق ورفض استلام أموال المقاصة، أم أن التراجع خطوة تكتيكية (ذكية) للتعامل مع المستجدات وخاصة نتائج الانتخابات الأمريكية، أم تراجع قيادة السلطة نتاج أسباب مالية وإدارية وشخصية؟
وأضاف "الرسالة الإسرائيلية الموجهة للسلطة لم تصدر عن أي مستوى سياسي بل جاءت موقعة من (منسق) إدارة المناطق وهو ضابط في وزارة الدفاع، وبالتالي هي إهانة بالغة وتغير نوعي خطير في مستوى التعامل، وقطعاً ليس بها أي التزام سوى الاستمرار في جباية الضرائب، ولم تنص ولا حتى تشير لوقف الضم والاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم بيوت الناس، ولا التوقف عن الاستقطاع الظالم من أموال شعبنا، إذن الأسباب الرئيسية لقرار وقف التنسيق ورفض استلام الأموال كما هي ولم تتغير قيد أنملة!
وتابع، "القول بأن الخطوة رسالة إيجابية لإدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، ففي ذلك الكثير من انعدام الحنكة إن لم نقل الكثير من الجهل الدبلوماسي والتفاوضي، لأن قرار العودة للتنسيق الأمني أفقدنا ورقة تفاوضية ثمينة مع إدارة جو بايدن للعدول أولاً عن كل ما فعله الرئيس ترامب، وخاصة الاعتراف بالقدس (الموحدة) عاصمة لإسرائيل، ثم نقل السفارة الأمريكية إلى عاصمتنا ومدينتنا المقدسة، وربما رحيل الدكتور صائب عريقات عن الدنيا أزاح متراساً من أمام المهرولين للتنسيق الأمني واستلام أمول المقاصة!".
وشدد على أنه "إذا كانت الاحتياجات المالية والإدارية والشخصية دافعاً حقيقياً (وهكذا يبدو الأمر)، فلنا أن نسأل لماذا أصلاً توقفت السلطة عن استلام أموال المقاصة وهي أموال خالصة للشعب الفلسطيني، والتحجج بأنها كانت منقوصة يطرح سؤالاً آخر، فهل ستعود هذه الأموال كاملة مع عودة التنسيق الأمني؟ ثم أين وكيف اختفى شعار (بدكم فلوس ولا بدكم وطن)؟"
وختم "دحلان" تدوينته بالقول.. أخيراً (الرئيس) التزم أمام الشعب وقادة العمل الفلسطيني علناً بقرارات وإجراءات ينبغي وطنياً وأخلاقياً أن تمنعه تماماً عن الإقدام على ما أقدم عليه، وكلنا تابعنا عاصفة ردود أفعال الأغلبية الفلسطينية الساحقة حتى من داخل حركة فتح، فهل أدارت السلطة ظهرها للتفاهمات والمخرجات الوطنية، وقررت العودة لسياسة التفرد ومناورات إدارة الانقسام بدلاً عن استعادة الوحدة الوطنية؟
وهل انتصر جناح على جناح داخل أروقة السلطة ورئاستها؟.. الوقت كفيل بكشف كل شيء.
تيار الإصلاح: خسارة سياسية مدوية
وصف المتحدث الرسمي باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، ديمتري دلياني، الإعلان عن عودة "التنسيق المدني" دون تراجع الاحتلال عن خصم أموال رواتب أبناء الشهداء والأسرى، بأنه "خسارة سياسية مدوية"، لافتاً في ذات الوقت إلى أنّ "التنسيق الأمني" لم يتراجع في أيّ يوم بالمطلق، ولكنّ الذي توقف هو "التنسيق المدني" بقضايا التحويلات والعمال.
وقال دلياني في تصريحات صحفية، "إنّ الإعلان عن عودة التنسيق المدني تم بعد يومٍ واحد من إعلان بناء استيطاني لـ12750 وحدة استيطانية جنوب القدس"، مُؤكّداً على عدم وجود "أيّ منطق سياسي يُفسر الهرولة نحو إعادة التنسيق المدني والتغول في التنسيق الأمني".
وأضاف: "تصوير ما حدث بأنّه انتصار يُبيّن أنّه لا يوجد رقيب على القرارات التي دفع ثمنها أبناء شعبنا على مدار عامٍ من "العقوبات الاقتصادية" في ظل جائحة كورونا، ودون جني ثمنها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً".
وتابع: "خلال الفترة القادمة ستُبقي الولايات المتحدة سفارتها في القدس، لكنّها سترفع العقوبات"، مُتسائلاً: "هل المطلوب منا إعادة كل شيء على ما هو عليه ؟! والقبول بالسفارة الأمريكية في القدس مقابل عودة الدعم؟!".
وتساءل أيضاً: "من سيتحمل ثمن القرار الذي اُتخذ قبل عامين، ومن خلاله تم وقف كل الدعم الأمريكي عن شعبنا، بدون إعادة السفارة الأمريكية إلى تل أبيب؟".
حماس: طعنة للجهود الوطنية
قالت حركة حماس في بيانٍ لها: "الإعلان طعنة للجهود الوطنية لبناء شراكة وطنية لمواجهة الاحتلال والضم والتطبيع وصفقة القرن، ويأتي في ظل الإعلان عن آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس".
وأضافت أن "السلطة الفلسطينية، بهذا القرار، تعطي المبرر لمعسكر التطبيع العربي"، مطالبة بالتراجع و"ترك المراهنة على بايدن وغيره".
الجهاد الإسلامي
من جانبها قالت حركة الجهاد الإسلامي: "إن الإعلان اختيار لمسار التنسيق والعلاقة مع الاحتلال على المصالحة". مضيفةً: "إن قرار عودة مسار العلاقة مع الاحتلال انقلاب على كل مساعي الشراكة الوطنية وتحالف مع الاحتلال بدلًا من التحالف الوطني".
العشائر: نسف للإجماع الوطني
نددّت الهيئة العليا لشؤون العشائر في المحافظات الجنوبية، بقرار السلطة في رام الله، القاضي بعودة العلاقة مع الاحتلال لسابق عهدها.
وقال المفوض العام للهيئة عاكف المصري "إنّ القرار يشكل غطاءً وشرعنة لإجراءات الاحتلال في أراضينا بالضفة والقدس، من تهويد وتدمير للمنازل وبناء آلاف البؤر الاستيطانية".
وأكدّ أنّ "استبدال المصالحة الوطنية بالتنسيق الأمني المقدس خروج عن الإجماع الوطني، ونسف له".
وعدّ المصري القرار بأنه "استخفاف بشعبنا وفصائله ومؤسساته، وتجاوز لكل هيئاته وقرارات مجالسه، كما يمثل إهانة للقاء الأمناء ومخرجاته".
ونبه إلى أن وقف المصالحة مقابل العودة للتنسيق يعني، "وصفة تدمير حقيقية لما تبقى من المشروع الوطني".
"المؤتمر القومي العربي": رهان خاسر على بايدن
اعتبرت الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، أن قرار السلطة الفلسطينية بعودة العلاقات والاتفاقات مع إسرائيل إلى ما كانت عليه قبل 19 مايو/أيار الماضي يشكّل تراجعاً خطيراً ومؤسفاً عن كافة الجهود والإنجازات والمبادرات والاتفاقات التي جرى التوصل إليها في كافة مؤسسات منظمة التحرير، واجتماعات المصالحة الفلسطينية، كما يثير قلقاً على مصير الشراكة الوطنية والوحدة الفلسطينية، وهما ضمانة أي تقدم جدي لتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني.
وشدد المؤتمر القومي العربي، على أن التكامل بين الوحدة الوطنية بكافة مستوياتها، والمقاومة بجميع أشكالها، هو القوة الحقيقية للموقف الفلسطيني في الميدان كما في السياسة.
ولفت المؤتمر القومي العربي نظر المراهنين على أن وصول الرئيس الأمريكي “الديمقراطي” جو بايدن إلى رئاسة بلاده سيحدث خرقاً في الموقف الأمريكي بعد حماقات ترامب المتلاحقة، إلى أنه من أصل 27 عاماً مرت على اتفاق أوسلو المشؤوم عرف البيت الأبيض 16 سنة من الرئاسة الديمقراطية (كلينتون 1993 –2001)، (أوباما 2009-2017)، لم يحصد شعب فلسطين خلالها، كما خلال كل الرئاسات السابقة، سوى المزيد من الحروب عليه، والحصار والاستيطان والاغتيالات والاعتقالات.
ودعا المؤتمر القومي العربي الشعب الفلسطيني بكل قواه وهيئاته ومؤسساته الشعبية إلى الوقوف بوجه هذا القرار المنافي لأبسط الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني التي تبقى مع المقاومة طريق شعب فلسطين إلى النصر والتحرير.
الشعبية: عجز واستسلام وتفجير لجهود المصالحة
اعتبرت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين إعلان السلطة عن إعادة العلاقات مع العدو الإسرائيلي كما كانت عليها، هو نسفٌ لقرارات المجلسين الوطني والمركزي بالتحلّل من الاتفاقيات الموقّعة معها، ولنتائج اجتماع الأمناء العامين الذي عُقد مُؤخرًا في بيروت، وتفجير لجهود المصالحة التي أجمعت القوى على أنّ أهم متطلباتها يكمن في الأساس السياسي النقيض لاتفاقات أوسلو.
ورأت الجبهة في بيان لها، أنّ تبرير السلطة لقرارها بعودة العلاقات مع دولة الكيان ما هو إلّا تبرير للعجز والاستلام أمام العدو، الذي لم يحترم أو يلتزم بأيٍ من الاتفاقات معه رغم كل ما حققته له من اعتراف ومكاسب استراتيجيّة.
وشدّدت الجبهة على أنّ تسويق السلطة لقرارها على أنه انتصار هو تضليل وبيع الوهم لشعبنا بهدف العودة لرهان المفاوضات وعلى الإدارة الأمريكيّة القادمة، وعلى وهم إمكانية الوصول إلى حلٍ سياسي لحقوق شعبنا من خلال تمسكها بالاتفاقيات مع العدو رغم كل ما ألحقته من أذى بهذه الحقوق، وما وفرته من غطاءٍ للعدو في استمرار تعميقه لمشروعه الاستعماري الاستيطاني الإجلائي.
"الديمقراطية": تدهور خطير في الموقف السياسي
دعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى وقف هذا التدهور الخطير في الموقف السياسي وإلى احترام قرارات المجلس الوطني الفلسطيني في دورة انعقاده الاخيرة عام 2018 وقرارات المجالس المركزية وقرار الاجتماع القيادي الفلسطيني في التاسع عشر من أيار الماضي ومخرجات اجتماع الأمناء العامين في الثالث من أيلول الماضي، وإلى احترام أسس وقواعد العلاقات الوطنية والشراكة السياسية والقيادة الجماعية، وإلى التوقف عن الاستهتار بالقوى السياسية والرأي العام الفلسطيني ، تحديداً في هذه الظروف الوطنية والاقليمية والدولية.
وأكدت الديمقراطية أن القيادة الفلسطينية عليها أن تتحلى بأعلى درجات اليقظة وأعلى درجات الوحدة والثبات على موقف الاجماع الوطني ، الذي تم التوافق عليه والذي أعطى للرأي العام بصيص أمل بمرحلة سياسية جديدة تفتح الآفاق أمام تجاوز حالة الانقسام والوقوف صفا واحداً في مواجهة سياسة حكومة إسرائيل العدوانية التوسعية المعادية للسلام .
المبادرة الوطنية تحذر من الانعاكسات السلبية للقرار
أكدت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، رفضها اعادة التنسيق الأمني بين السلطة وحكومة الاحتلال والاستيطان الإسرائيلية.
وأكدت المبادرة، أن مخطط صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية وترسيخ التطبيع على حساب الحقوق الفلسطينية ما زال قائما ومخاطره واضحة لأن صاحبه الحقيقي هو نتنياهو والحركة الصهيونية التي صعدت الاستيطان والاعتقالات والقمع ضد الشعب الفلسطيني بشكل غير مسبوق في الفترة الحالية.
وحذرت حركة المبادرة من الانعكاسات السلبية لإعادة العلاقات مع إسرائيل والعودة للتمسك بالاتفاقيات معها على جهود المصالحة والوحدة الوطنية.