اليوم الجمعة 31 يناير 2025م
السلطة الفلسطينية تتسلم مهام تشغيل معبر رفح وفق اتفاقية المعابر 2005الكوفية الصحة بغزة تعلن عن سفر أول فوج مرضى وجرحى عبر معبر رفح غدا السبتالكوفية مراسلنا: الاحتلال يفجر منزلا في مخيم طولكرمالكوفية استشهاد صياد برصاص الاحتلال في بحر النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية «قرعة أبطال أوروبا»: ريال مدريد يواجه مانشستر سيتي في «الملحق»الكوفية السيسي يدعو الرئيس اللبناني لزيارة مصرالكوفية منذ بدء التهدئة.. 7926 شاحنة دخلت غزة خلال 11 يوماالكوفية سموتريتش: نتنياهو وترمب ملتزمان بإزالة «حماس» من حكم غزةالكوفية عن إدارة السياسة ومأساة الشعوب ...!الكوفية طريق ترامب إلى الشرق الأوسطالكوفية كتائب القسام تشيع 15 شهيدا من عناصرها ارتقوا خلال اشتباكات مع الاحتلال في خانيونس خلال العدوانالكوفية لتسهيل خروج الجرحى.. فتح معبر رفح تحت إشراف أوروبيالكوفية مصدر مصري بمعبر رفح: إنهاء الترتيبات اللوجيستية في الجانب الفلسطيني لبدء تشغيل المعبر خلال الساعات المقبلة.الكوفية مراسلنا: إصابتان برصاص الاحتلال الحي في المغير شمال شرق رام اللهالكوفية بالصور والفيديو|| آلاف المصريين يتوجهون إلى معبر رفح رفضا لتهجير الشعب الفلسطينيالكوفية إعلام الأسرى: سيتم الإفراج غدا عن 90 أسيرا من «المؤبدات» والمحكوميات العاليةالكوفية الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم لليوم الخامسالكوفية ميسي يقرر العودة إلى برشلونةالكوفية «القسام» تعلن أسماء الأسرى الإسرائيليين المنوي الإفراج عنهم غداالكوفية الاحتلال ينفذ حملة اعتقالات في الضفة الغربيةالكوفية

طريق ترامب إلى الشرق الأوسط

14:14 - 31 يناير - 2025
الكوفية:

لم ينتظر دونالد ترامب حتى يتولى مهام منصبه كرئيس للولايات المتحدة حتى يبدأ بالتعامل مع ملفات الشرق الأوسط، بل وكما هو معروف، بدأ بالتهديد بحرق المنطقة، إن لم يتم الإفراج عن المحتجزين الأميركيين والإسرائيليين، قبل يوم تنصيبه الذي كان في العشرين من الجاري، وهكذا كان، أي أن تهديد الرجل، إضافة لأكثر من سبب آخر، كان وراء نجاح رعاة التفاوض في الدوحة قبل أيام قليلة من دخوله البيت الأبيض بالتوصل للاتفاق الذي ظل يراوح أكثر من عام حول طاولة التفاوض، وشرع في تنفيذه قبل أقل من 24 ساعة على يوم التنصيب الرئاسي.
ويبدو أن اشتعال الحرب الأطول في تاريخ المنطقة منذ عقود، نقصد الحروب التي كانت إسرائيل طرفاً فيها، كذلك ما واكبها من اهتمام عالمي منقطع النظير، هو ما فرض حضور الشرق الوسط على أجندة الرئيس الأميركي، الذي لا يرى في الشرق الأوسط سوى النفط والغاز، والثروة التي لا يهتم بغيرها، وهو عاد الى البيت الأبيض بفضل رجال المال الأميركيين، وفي مقدمتهم أغنى رجل في العالم، أيلون ماسك، الذي سرعان ما أضحى واحداً من رجال ادارته الجديدة، وترامب بتهديده بحرق الشرق الأوسط، ذكّر بعض المراقبين بتهديد مماثل كان قد أطلقه ضد كوريا الشمالية، عشية دخوله البيت الأبيض في ولايته الأولى، أي مطلع العام 2017، لكنه سرعان ما ابتلع لسانه حين رأى من الزعيم الكوري كيم جونغ اون، العين الحمراء، في الوقت الذي خطفت أنظاره «الريالات» السعودية، فهرول الى المملكة العربية السعودية ساعياً لاستثماراتها.
قد يكون اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، قد نزع فتيل الحريق الذي هدد به ترامب، لكن مع ذلك تبقى التساؤلات قائمة حول الطريق الذي سيسلكه الى الشرق الأوسط، خاصة وأنه كعادته ما أن يبدأ عهده حتى يسارع إلى السير في الطريق المعاكس لسلفه الديمقراطي، وقد فعل ذلك في ولايته السابقة، حين سارع الى التنصل من اتفاقية مجموعة 5+1 مع ايران حول برنامجها النووي، والذي جرى في آخر ايام رئاسة باراك اوباما عام 2015، فيما يعتبر أن سلفه هذه المرة جو بايدن قد أشعل الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك الحرب في الشرق الأوسط، لذا فقد رفع هو يافطة السلام، ولكن أي سلام، وبصوت واضح، قالت أوساط إدارته بأنه السلام المفروض بالقوة!
أي أنه يسعى لعقد الصفقات السياسية، ولكن ليست تلك الناجمة عن الحوار بين الأطراف المعنية، ولا الناجمة عن مفاوضات تأخذ بعين الاعتبار مصالح الجميع، بل تلك التي يراها هو، ولهذا فقد سارع لاتخاذ القرارات وإعلان المواقف الحادة، حتى مع جيرانه من مكسيكيين وكولمبيين وبنميين، وحلفائه من كندا الى أوروبا، حتى قبل أن يلتقي زعماء تلك الدول، وبالطبع هو ينظر هكذا _على الأغلب_ الى الشرق الأوسط، ولهذا فقد أطلق تصريحاً نارياً، لا يقل صخباً عما أطلقه وهو لم يدخل بعد البيت الأبيض، نقصد ما كان هدد به من حريق، بإطلاق مقترح أو خطة تهجير الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة.
في الحقيقة، وبغض النظر عن كل ما قيل حول ذلك التصريح، فإن الإشارة الى ما سبقه من قول لترامب حول جمال غزة، وعما يمكن أن تكون عليه، من منطقة سياحية، لا تعني سوى شيء واحد، وهو أنه يرى الأمر بعين تاجر العقارات، الذي «يحلم» بمشروع سياحي، وهكذا فالدافع لا علاقة له بحسابات سياسية أو غيرها، رغم أن «الخلفية» هي كذلك دون شك، بعد أن قدم له الفكرة مطول ارون ديرمر مبعوث بنيامين نتنياهو، لكن ليس المهم ما يطلقه ترامب من تصريحات غير محسوبة، أو اعلانات دراماتيكية، بل المهم هو ما يجد من تصريحاته طريقه الى التنفيذ في الواقع، وهو قد أمضى معظم ولايته السابقة يروج لصفقة العصر، التي وجدت طريقها الى الرف في نهاية الأمر، كذلك فإن ما أعلنه من مقترح التهجير، رغم أنه سيشجع نتنياهو على مواصلة الحرب، ويشد على يدي بن غفير وسموتريتش، لإصرار هذا الثالوث الإرهابي، على مواصلة  الحرب، إلا أن الرد جاء من جموع العائدين من جنوب القطاع لشماله.
لكن ترامب بارتجالاته، ونزوعه الى إحداث الصخب، قد ضيق الخيارات السياسية أمام نفسه، ووضعها بين يدي نتنياهو ليتلاعب به كما فعل مع بايدن، وكما فعل معه هو أيضا من قبل في ولايته الأولى، وربما لهذا السبب سارع لدعوة نتنياهو للقائه في واشنطن، في الوقت الذي أرسل فيه مبعوثه الى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي أعلن صراحة ضرورة متابعة طريق الصفقة، والبدء حتى قبل يوم السادس عشر بالتفاوض على المرحلة الثانية. وإزاء رد الفعل المصري والأردني على تصريح ترامب الصاخب القائل بتهجير سكان غزة، سارع وزير خارجيته مارك روبيو للاتصال بنظيره المصري، ليطلب من مصر المساعدة على عدم عودة حماس للحكم في غزة مجدداً، بينما كان نتنياهو يستقبل ويتكوف بعد زيارته الخاطفة ذات المغزى الى قطاع غزة.
على أرض الواقع، وكما لو كان ترامب «تاجراً شاطراً»، يمكن أن يكون تصريحه الخاص بالتهجير مجرد ورقة تفاوضية، لتحسين شروط ادارة ملفات الشرق الأوسط، ولدفع كل من مصر والأردن الدولتين المجاورتين لكل من فلسطين واسرائيل والمحوريتين في ملف الصراع مع اسرائيل، الى الانخراط في الورشة الأميركية، وليس كما حدث في ولايته السابقة، حين اهتم بالخليج، فيما إسرائيل احتفلت بالتطبيع مع البحرين والإمارات، ونسيت اتفاقياتها السابقة مع مصر والأردن، حتى وصلت علاقتها مع الدولتين المجاورتين الى حد واضح من البرود، حتى التوتر أحياناً.
وحتى يسير على طريق السلام، ويغلق أبواب الحرب التي فتحها بايدن مع نتنياهو، على ترامب أولاً أن يتابع طريق صفقة التبادل، ولا يسمح لنتنياهو بقطع الطريق عليها بعد نحو شهر من اليوم، أي بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، وسريعاً ما سيظهر السير على هذا النحو، وفق ما ستسير عليه المفاوضات الخاصة بالمرحلة الثانية، وهنا لا غنى لأميركا عن مصر كراع لمفاوضات الصفقة، والأهم كطرف أساسي في الإشراف على التنفيذ، وهذا يتطلب أن ينسى ترامب ما قاله بخصوص التهجير، لأن إصراره على ذلك أو حتى تكرار ذلك التصريح، من شأنه أن يحبط همة مصر في رعاية التفاوض على الصفقة، كما أن من شأنه أن يشعل العلاقة الأميركية فضلا عن الإسرائيلية مع الأردن، والأردن جغرافياً في غاية الأهمية، ويمكنها أن تحول دون إشعال الحرب الإقليمية، أو على العكس أن تساعد عليها، فهي تقع ما بين حجري رحى التوتر الإقليمي، بين إيران وإسرائيل.
ثانياً، على ترامب أن يدفع، بل أن يجبر إسرائيل على قبول عودة السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة، وليس فقط العودة الى معبر رفح، وليس بشكل موارَب عبر لجنة إسناد مجتمعي، فنتنياهو عاش حياته السياسية طوال أكثر من ثلاثة عقود، يحارب قيام الدولة الفلسطينية، ووجد ضالته في الانقسام ومنع وحدة الضفة والقطاع، خاصة تحت راية (م ت ف)، باعثة الوطنية الفلسطينية وعنوانها وإطارها، وترامب بذلك يكون قد كسب ود مصر والأردن اللتين تعتبران أن قيام دولة فلسطين تحت قيادة (م ت ف) ضمانة لأمنهما الإقليمي، كما أن ذلك يمكنه في الوقت نفسه، أن يقنع السعودية بالتقدم على طريق التطبيع، على اعتبار أن عودة السلطة لإدارة قطاع غزة، المحرر والخالي من الاحتلال، وخاصة في حال منحت السلطة مظاهر الدولة في غزة من فتح الحدود البرية، معبر رفح، وتدشين ميناء بحري ومطار جوي، دون الحاجز الإسرائيلي، يؤدي الى اعلان دولة فلسطين المستقلة على الأرض.
وبالطبع عودة السلطة لإدارة قطاع غزة، ستوفر لها مصدر دخل كاف من استخراج الغاز، والاستغناء عن المعونات الخارجية، كما أنه «يحقق» لإسرائيل هدف إخراج حماس من الحكم، أما أن يطالب نتنياهو بإخراج حماس من غزة، وعدم عودة السلطة لها، فهو كمن يطلب «لبن العصفور»، أي المستحيل، وحتى يجد ترامب طريقاً سالكاً الى الشرق الأوسط، طريق الصفقات، فلا بد له من تعبيد الطريق بما يحقق السلام والأمن، السلام عادل، غير المرهون بحسابات نتنياهو الائتلافية، بالشراكة مع أصحاب إسرائيل التلمودية وإسرائيل اللاهوتية، من ممثلي اليمين المتطرف والحريديم، وهذا يعني ببساطة بأن طريق ترامب ليس معبداً بالورود، لكنه إذا كان يرغب في أن يدخل التاريخ كعرّاب للسلام، فعليه أن يتحلى بالشجاعة الكافية.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق