اليوم الجمعة 14 مارس 2025م
إصابة حرجة برصاص الاحتلال خلال اقتحام سالم شرق نابلسالكوفية استشهاد 4 مواطنين في قصف إسرائيلي جنوب مدينة غزةالكوفية حماس تعلن توجه وفدها المفاوض إلى القاهرةالكوفية مستعمرون يقتحمون نبع العوجا شمال أريحاالكوفية مراسلنا: إصابة مسنة برصاص آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي شمال شرق بيت لاهياالكوفية 3 إصابات في قصف دبابات الاحتلال وسط مدينة رفحالكوفية رئاسة الوزراء الإسرائيلية: حماس تواصل ألاعيبها والحرب النفسية وما زالت ترفض مقترح ويتكوف الذي قبلته إسرائيلالكوفية وسائل إعلام إسرائيلية: وفد التفاوض يعود الليلة من قطرالكوفية الدنمارك ترفض تصريحات ترامب: غرينلاند «ليست معروضة لضمها»الكوفية إصابة زعيم محلي لحزب إسلامي و3 آخرين في تفجير مسجد بباكستانالكوفية وفد درزي سوري يتوجه إلى إسرائيلالكوفية السياسات الأميركية... خطوط متداخلة ومفاجآتالكوفية بين ويتكوف وبن إلياهو والعرب وخروج «حماس» ..!الكوفية نتنياهو بين الحريديم والمستوطنينالكوفية حماس تعلن موافقتها على مقترح الوسطاء بتسليم محتجز إسرائيلي و4 جثامينالكوفية أودوبير يترك بصمته أخيرا مع توتنهامالكوفية قطر تعلن تشكيلتها لمواجهتي تصفيات المونديالالكوفية هيئة البث الإسرائيلية: المقترح الذي وافقت عليه حماس هو بالضبط ما حاول مبعوث ترامب آدم بولر الدفع إليهالكوفية القناة 13 الإسرائيلية: نتنياهو يجري بعد نحو ساعة تقييما خاصا بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزةالكوفية جيش الاحتلال: هذا سبب عدم وصول أي قوات إلى «نير عوز» بهجوم 7 أكتوبرالكوفية

نتنياهو بين الحريديم والمستوطنين

14:14 - 14 مارس - 2025
رجب أبو سرية
الكوفية:

مع عشرات ألوف الجنود الجرحى خلال الحرب التي ما زالت قائمة، والتي تخوضها إسرائيل على 7 جبهات، برزت الحاجة الملحة والعاجلة لتجنيد المزيد من الشبان الإسرائيليين في دولة تتصف بضعف العامل الديموغرافي مقارنة بمحيطها.
لهذا توجهت الأنظار إلى الحريديم الذين جرى استثناؤهم منذ قيام الدولة من التجنيد الذي يشمل كل فئات المجتمع، بحيث يؤدي الخدمة العسكرية الرجال والنساء على حد سواء، ثم يواصلون التدريب ليظل عملياً كل مواطني دولة إسرائيل باستثناء من وصلوا سن الشيخوخة ضمن الاحتياط، وهؤلاء هم من خاضت بهم إسرائيل الحرب خاصة على جبهة غزة، في مواجهة مجموعات مسلحة، لا تعتبر جيشاً محترفاً على كل حال.
وشهد عهد بنيامين نتنياهو المتواصل في الحكم من خلال حكومات يمينية متعاقبة، تحالفات  مختلفة لليكود، الحزب اليميني التقليدي المنبثق من رحم «حيروت» الذي أسسه مناحيم بيغن بتحويل منظمة «الأرغون» العسكرية التي كانت إلى جانب «الهاغاناة» بزعامة ديفيد بن غوريون، من شنتا حرب العام 1948، بحيث شكلتا نواة الجيش، وحزبي الحكومة والمعارضة، أي أركان النظام، وكانت تحالفات الليكود متنوعة، كما كان شأن خصمها السياسي، حزب العمل الذي كان يعتبر يساراً، فيما اعتبر الليكود يميناً، بحيث شملت أحزاب وسط ويمين، كانت تظهر عشية الدورات الانتخابية ثم سرعان ما تتلاشى.
وللتذكير نشير إلى «كاديما» مثلاً الذي قاد الحكومة خلال رئاستي كل من أرئيل شارون وإيهود أولمرت، إلا أن نتنياهو برئاساته العديدة والمتتابعة للحكومة قاد الليكود نحو أقصى اليمين، إلى أن تحالف أخيراً مع اليمين المتطرف الذي يستند لقاعدة المستوطنين الانتخابية.
إلى أن وصلت آخر حكومات نتنياهو الحالية إلى الاعتماد على ائتلاف حكومي مكون من خمسة أحزاب فقط هي إضافة لليكود، حزبا التطرف اليميني الاستيطاني، العظمة اليهودية بقيادة إيتمار بن غفير، والصهيونية اليهودية بزعامة بتسئليل سموتريتش، وحزبا المتدينين اليهود الحريديم شاس ويهوديت هتوراة.
وهكذا فإن اليمين التقليدي ممثلاً بالليكود أصبح بين شريكين أحدهما متطرف جداً، قاعدته غير شرعية قانونياً وأخلاقياً، هي قاعدة الاستيطان الخارج عن القانون الدولي، وقد لمس العالم بأسره جوهر هذا التيار السياسي من خلال ممارسات وسياسات ابن غفير وسموتريتش الإرهابية، والشريك الثاني هو شريك ديني متزمت، يظهر الهدوء والسكينة إلى حين أن يتمكن من الحكم منفرداً، حينها يعلن قيام الدولة الدينية التي لن تكون إلا عنصرية.
ورغم أن ثلاث سنوات أمضتها حكومة المثلث السياسي، على طريق متخم بالألغام السياسية، خاصة في ظل ضعف سياسي تمثل في شخص نتنياهو نفسه رغم خبرته، وذلك بسبب قضايا الفساد التي تسببت في رفع قضايا ضده أمام المحاكم، وليس أدل على ذلك من دخول الحكومة فور تشكيلها في صراع مع كل مكونات الدولة والمجتمع ممن هم من خارج إطار الائتلاف الحاكم، نقصد إضافة للمعارضة التي ضمت أحزاباً يمينية، في مشهد يؤكد جر نتنياهو لليمين التقليدي نحو اليمين المتطرف والعنصرية الدينية، مثل حزب إسرائيل بيتنا وهو حزب المهاجرين الروس الذين وفدوا إلى الدولة قبل ثلاثة عقود فقط، أي بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، بقيادة شريك نتنياهو السابق أفيغدور ليبرمان، وكان هناك أيضا إلى ما قبل بضعة أشهر الليكودي جدعون ساعر، فيما كان خصم نتنياهو في الحكومة السابقة اليميني المتطرف نفتالي بينت.
دخلت حكومة نتنياهو فور تشكيلها في صراع مع الخارج، تجاوز المعارضة ليشمل مؤسسات الدولة، وبدأ مع مؤسسة القضاء، لكونه يمثل بنداً جامعاً لمكونات الائتلاف الحاكم، فنتنياهو يريد أن يتخلص من الدعاوي القضائية، فيما شاس يريد أن يحرر زعيمه أرييه درعي من «فيتو» القضاء على توليه المقعد الوزاري، فيما زج الشريك اليميني المتطرف الحكومة في أتون صراع مع مؤسسات الدولة الأمنية، حيث شرع من تولى حقيبة الأمن الداخلي، ابن غفير مهمة تقويض الشرطة، فيما تولى شريكه في نفس التيار الاستيطاني سموتريتش مهمة الدفع بالجيش ليمارس مستوى أعلى من إرهاب الدولة ضد الشعب الفلسطيني المحتل، وقد تجلى ذلك حين اصطدم سموتريتش بوزير الجيش الليكودي، يوآف غالانت أكثر من مرة، إلى أن تولى نتنياهو بنفسه مهمة الإطاحة برموز الجيش والمؤسسات الأمنية، «قاطعاً» الرؤوس السياسية لكل من يوآف غالانت، رونين بار، فيما يتصدى اليوم وزير العدل الليكودي ياريف ليفين لمهمة إقصاء مستشارة الحكومة القضائية غالي بهاراف ميارا.
علينا أن نشير في هذا المقام إلى أن شراكة الليكود مع تيارين أحدهما أكثر تطرفاً نحو اليمين، وأشد عداء للمحيط بدءا من الفلسطينيين وليس انتهاء بإيران، والآخر ديني متزمت، زادت من تطرف الليكود نفسه، بحيث ظهر ليس فقط نتنياهو وغالانت وهما المطلوبان للعدالة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم الحرب، بل كل وزراء ومعظم نواب الليكود كمتطرفين، خاصة فيما يخص الملف السياسي الخارجي الأهم، المرتبط بالعلاقة مع الجانب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة، ما جعلهم جميعاً خارجين عن القانون الدولي، الذي يجرم الاحتلال وممارساته، وفي مقدمتها الاستيطان ومصادرة الأرض والقتل الميداني والاعتقال العشوائي واستهداف المدنيين، والقائمة التي تشمل ممارسات هؤلاء لا تعد ولا تحصى.
ومنذ تشكيل الحكومة والتوقع بانفراط عقد الائتلاف ينحصر في اليمين المتطرف باعتباره يتحكم بمقود نتنياهو الذي ظل مسكوناً بهاجس الإطاحة به من خلال انفراط عقد الائتلاف، ولذلك ظل يخضع لكل ما مارسه بن غفير وسموتريتش من تطرف ضد الشعب الفلسطيني، إن كان ميدانياً بقيادتهما لهجوم المستوطنين الإرهابي على المواطنين الفلسطينيين بممتلكاتهم وأرواحهم وصولاً إلى حرق حوارة وغيرها، أو اقتحامات بن غفير للحرم القدسي الشريف، أو الدفع بالحكومة لإصدار مختلف القرارات الإرهابية المضادة لاتفاقيات جنيف، أو كان سياسياً ورسمياً بالقيام بكل ما من شأنه تقويض السلطة الفلسطينية، من خلال سطو سموتريتش المتواصل على أموالها.
هكذا تكرست القناعة بأن سقوط نتنياهو وانفراط عقد الائتلاف سينجم في نهاية المطاف، حين يصل نتنياهو للحظة التي يصبح فيها عاجزاً عن المواءمة بالجمع بين متطلبات وجود اليمين المتطرف في الحكومة واستحقاقات السياسة الداخلية والخارجية معاً، ولعل نموذج خروج ابن غفير وحزبه من الحكومة كتحذير أي دون الانضمام للمعارضة والتصويت على إسقاط الحكومة، بسبب من موافقة نتنياهو على صفقة التبادل مع حماس، خير دليل على ما نشير إليه من توقع ظل مترافقاً مع التشكيل الحكومي الإسرائيلي الحالي، لكن على ما يبدو رغم أن هذا الاحتمال ما زال قائماً، ويمكن له أن يحسم الأمر إلى حد إسقاط نتنياهو غداً، لو أن واشنطن في عهد ترامب اصطدمت معه كما حدث لها مع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنسكي، حيث يكفيها هنا أن تجبره على الالتزام ببنود الصفقة كما اتفق عليها، أي بالانتقال للمرحلة الثانية التي جوهرها وقف الحرب والانسحاب من غزة، وهي الصفقة التي شارك في رعايتها ستيف ويتكوف ممثل ترامب.
نقول رغم أن ذلك ليس مستبعداً في عرف السياسة خاصة مع ترامب وفي ظل تقدمه نحو بوتين وإيران، وقد لاح ذلك الاحتمال مع فتح قناة التفاوض المباشر بين ممثل البيت الأبيض وقادة حماس مؤخراً، إلا أن الحريديم الذين ظهروا طوال الوقت كشريك مريح لليكود، قد تكون لهم كلمة أخرى، بل قد تكون هي الكلمة الفصل التي تضع حداً لائتلاف اجتمعت مكوناته على مائدة سوداء، بدت كمائدة اللصوص الذين اجتمعوا لتوزيع غنيمة السرقة.
وعقدة منشار الشراكة بين الليكود والحريديم هي التجنيد، ورغم أن حكومة نتنياهو شرعت في الاقتراب من هذا الملف الشائك بحذر من خلال توجيه أوامر أولية للحريديم للتجنيد في صفوف الجيش وذلك خلال الأشهر الأخيرة في ظل الحاجة المتزايدة للمجندين، إلا أن الاستجابة لتلك الأوامر لم تتعد نسبة 1،77% وبالتحديد استجاب 177 فرداً من أصل عشرة آلاف لأوامر الجيش، ولأن حزبي الحريديم، شاس ويهوديت هتوارة، غير مقتنعين بتلك الأوامر كما هو حال جمهورهما، فإنهما ما زالا يصران على إقرار الحكومة بأغلبيتها البرلمانية لقانون إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية، بما يعني وقف تلك الأوامر، وليس مجرد التهرب منها رغم ما تقوم به مؤسسة الجيش من تراخٍ بهذا الشأن، بإصدار أمر تجنيد ثانٍ، قبل إصدار أوامر الاعتقال، التي لا ينفذها على الفور، والجيش فعلا أصدر 2231 أمر تجنيد ثانٍ، كما أصدر أكثر من ألف أمر اعتقال، وذلك انتظاراً للإعلان عن المتهربين رسمياً، والذي صدر بحق 265 فعلاً، لهذا اضطر نتنياهو لوقف مؤقت للحرب، حتى يجد طريقة للمواءمة بين مطلب الحريديم بإصدار قانون الإعفاء من التجنيد مع استحقاق إقرار الميزانية، وبين مطلب اليمين المتطرف بمواصلة الحرب.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق