- قصف مدفعي إسرائيلي على حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة
- صفارات الإنذار تدوي في صفد وبلدات في الجليل الأعلى عقب رصد إطلاق صواريخ
مخطئ من يظن أن الانكسار الأكبر لجماعة «الإخوان المسلمين»، الموصومة والموسومة بالإرهاب، الذي أصابها في مقتل قبل سبع سنوات، من خلال ثورة المصريين عليهم، أنه كان نهايتها مرة وإلى الأبد، ذلك أنه وعبر 7 عقود خلت استطاعت أن تصنع لنفسها جيوباً وخنادق تتمترس فيها ومن حولها، لتقفز منها ذات اليمين وذات اليسار، تمارس غيها السادر منذ زمان وزمانين.
الذين عندهم علم من كتاب تاريخ الإخوان، يدركون تمام الإدراك أن قطر كانت الجيب الأكبر والأخطر، حين فروا في منتصف ستينات القرن المنصرم من مصر إليها، وهناك زرعوا أفكارهم وأفشوا آيديولوجيتهم الخبيثة عبر جميع مناحي الحياة، وما مواقف قطر الحالية إلا تعبير عن تمكن فيروس الأخونة من قلوب وعقول القائمين على الأمر هناك.
الجيوب الإخوانية لم تقف عند حدود قطر، وإن كانت الأخيرة قد أضحت المصرف المفتوح للإنفاق سيئ السمعة على أعمال العنف والإرهاب، والتخريب وإضعاف الاستقرار، والتخطيط لكوارث الإقليم والعالم، إذ نجح هذا الفريق الخارج على الشرعية في تأصيل وجود موازٍ له في تركيا، هناك حيث الأغا العثمانلي الممتلئ مرارة وأحقاداً على العرب الذين طردوهم شر طردة في الماضي، والآن يتصدون لأطماع العثمانية الجديدة.
جيوب «الإخوان» نسجت خيوطها، ومدت خطوطها ناحية سوريا ومن أسف ابتلع فريق كبير من السوريين الطعم التركي المسموم، وقد اكتشفوا في نهاية الأمر أن أنقرة لا تبغي صالحهم أو مصالحهم، فما احتله إردوغان من أراضٍ في شمال سوريا بات الآن عرضة للتتريك لغة ومنهجاً حياتياً، ما جعل جيب «الإخوان» السوري مرغماً على ترك لغة القرآن جبراً وقسراً، والتعاطي مع الذي نهب مصانع حلب وساقها إلى تركيا في وضح النهار.
الجيب الإخواني الكارثي الآخر الذي يبدو واضحاً في المشهد المتوسطي في حاضرات أيامنا، هو إخوان ليبيا في مصراتة وطرابلس، أولئك الذين بلغت بهم المهانة أن يجلس العثماني في غرفة عمليات حربية على الأراضي العربية الليبية ليرسم خطط الشر التي يريد منها إيذاء الصديق الأكبر والجار الأقرب، مصر المحروسة، ولكن هيهات.
هل لشمال غربي أفريقيا نصيب من تلك الجيوب؟
لا يحتاج الأمر إلى كثير من الجهد ليحير المرء جواباً، فما يجري في تونس صراع واضح المعالم ما بين الغنوشي وإخوانه، وبين القوى الوطنية التي تحاول استنقاذ التونسيين من بين أنياب الأفاعي الإخوانية، وهي معركة صعبة لو يعلم القارئ.
أما جيب «الإخوان» الجزائري فهو كامن كمون بركان «فيزوف» الإيطالي الشهير، وإذا انفجر سيغمر المنطقة كلها.
لذا يريد السلطان العثماني أن يكون قريباً من هذه الساحة بقواته هذه المرة، ليشعلها متى حانت الفرصة. لقد رأيناه مع القذافي يهادنه، وحالما سنحت الفرصة أدخل الإخوان لإشعال النار. وهو يفعل المكر نفسه مع تونس والجزائر.
الجيوب الإخوانية لا تموت، والناظر إلى البيانات التي تصدرها قيادات «الإخوان» المختبئة في العوالم والعواصم الأوروبية، يوقن بأن هناك محاولات جارية على قدم وساق للعودة من خلال «خدعة المراجعات المكذوبة»، التي لا تخرج عن مآلات التقية الإيرانية التقليدية.
قبل عام تقريباً صدر عما يسمى المكتب العام لـ«الإخوان» المسلمين بيان يحمل استراتيجية السم في العسل، في محاولة للالتفاف على الجماهير المصرية، ومحاولة خداعهم بالقول إن الجماعة راجعت أوراقها وأعادت النظر في أفكارها وسلوكها.
هل من يأمن جانب الإخوان، وهم أول من ينقلب على الوعود والعهود؟
ويبقى السؤال الجوهري: «على من تقع مسؤولية مواجهة الجيوب الإخوانية؟».
حتماً إنها معركة مشتركة بين دولاب الدولة من جهة بأدواته الخاصة، وبين كبار المثقفين والمفكرين، والعلماء ورجال الدين، المطالبين بنقض ونقد التهافت الإخواني، وتبيان زيف دعواهم، وخطورة بقائهم، أو إرهاصات عودتهم من خلال شباك الأغا إردوغان.
عند اجتياح المغول مدينة بخارى إحدى مدن بلاد خراسان المسلمة، نجح جنكيز خان في شق صف المواطنين، بالضبط كما يفعل إردوغان في ليبيا اليوم، وقدر له أن يستميل جناحاً من المواطنين سلموا أنفسهم له بوعد الأمان.
في نهاية المعركة أمر بقتلهم جميعاً وأطلق صيحته التاريخية: «لو كان يؤمن جانبهم لما غدروا بإخوانهم من أجلنا نحن الغرباء»...
الجيوب الإخوانية تخون... ويجب ألا تكون آفة حارتنا النسيان.
الشرق الأوسط