غزة- عمرو طبش: تتنافس عائلة المواطن سهيل أبو شحمة، في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، على حفظ القرآن الكريم كاملاً، حيث تمكنت الشقيقتان شمس وهنية من حفظ كتاب الله كاملاً، والحصول على السند المتصل عن رسول الله رغم إعاقتهما البصرية.
تعيش عائلة أبو شحمة، داخل منزل متواضع في المعسكر الغربي بمدينة خانيونس، وتضم ثلاثة من ذوي الإعاقة البصرية، الشقيقتان هنية وشمس، بالإضافة إلى شقيقهما الذي لا يعاني من فقدان بصره فحسب، بل إنه مصاب بالتوحد.
واجهت تلك العائلة العديد من الصعوبات ولكنها استطاعت تجاوزها من خلال حفظ القرآن الكريم.
الفتاة المكفوفة شمس أبو شحمة، "19 عاماً"، قالت لـ"الكوفية" إنها بدأت في حفظ القرآن الكريم قبل مرحلة رياض الأطفال، حيث ساعدها والدها في البداية عن طريق التلقين، فأما التجويد كانت تستمع للشيخين أيمن سويد، ومحمد صديق المنشاوي. وأوضحت، أنه على الرغم من إعاقتها إلا أنها أنهت حفظ القرآن الكريم بعد جهد وعناء، ومن ثم استطاعت الحصول على السند المتصل عن الرسول محمد، مشيرةً إلى أن العائلة لم تتوقع منها هذا الإنجاز لإعاقتها.
وتابعت أبو شحمة، أنها تستطيع التنقل داخل البيت بشكل سلس دون مساعدة أحد، نظراً لحفظها كل مكان وكل زاوية في المنزل، ولكن في الشارع تجد صعوبة في الحركة، مما يتطلب مساعدة شخص من عائلتها في التنقل خارج المنزل، مؤكدةً أنها تجد معاملة إيجابية من المارة في الشوارع والطرقات.
وأضافت، أن لديها موهبة في كتابة الحِكم والخواطر والمقالات، غير انها انتقدت عدم وجود دعم من أي مؤسسة، خاصةً أنها لا تستطيع نشر أي خاطرة أو حكمة مما تكتب في أي مجلة أو صحيفة.
وكشفت الكفيفة شمس، عن أهم الصعوبات التي واجهتها أثناء حفظها لكتاب الله، أبرزها أنه لم يكن لديها مصحف خاص بالمكفوفين، مما اضطرها منذ الصغر إلى الحفظ بالطريقة السماعية من خلال تلقين والديها السور والآيات كل يوم، ولكن عند تلقيها الدورة العليا استطاعت الحصول على مصحف بطريقة "برايل" من أحد الشيوخ الذين قاموا بتعليمها، مما ساعدها كثيرا. وتطمح بأن تكون في المستقبل من الشخصيات المشهورة على اليوتيوب، خاصة أنها لديها قناة على موقع اليوتيوب تنشر ما لديها من مواهب، وكيف تعلمت القرآن الكريم، بالإضافة إلى تدريس الأطفال ومساعدتهم في الحفظ.
وتتمنى أبو شحمة أن توفر المؤسسات المعنية الدعم المادي والمعنوي، خاصةً أن الدعم المعنوي مفقود في المجتمع، لأنها تواجه الكثير من المحبطين.
أما شقيقتها الكفيفة هنية أبو شحمة، صاحبة الـ "24 عاماً"، فتقول إنها على الرغم من الإعاقة البصرية، أن تحصل على درجة البكالوريوس في أصول الدين من الجامعة الإسلامية بمعدل 88%، وبعد ذلك حصلت على شهادة الدبلوم التربوي.
وأوضحت، أنها بدأت بحفظ القرآن الكريم في رياض الأطفال بمساعدة والدها الذي كان يحفظها دائماً عن طريق التلقين نظراً لعدم وجود مصحف على طريقة "برايل" بالإضافة إلى أنها لم تحظى باهتمام من المساجد والمحفظات.
وأكدت الكفيفة هنية، أنها استطاعت حفظ 5 أجزاء من القرآن الكريم عن طريق السمع، دون أن ترى الكلمات وتقرأها، من خلال ترديد والدتها الآيات حتى تمكنت من الحفظ، مشيرةً إلى عدم وجود الوعي الكافي لدى المحفظات في المساجد بأن إعاقتها لا توقفها عن تحقيق حلمها، وأن لديها القدرة على حفظ القرآن الكريم بشكل كامل. وتابعت أبو شحمة، أنها أتمت حفظ كتاب الله كاملاً في سنة واحدة، ولكنها واجهت صعوبة خلال تلقيها لدورة الأحكام والتجويد من قبل المحفظة، نظراً لأنها طالبة كفيفة ولا تستطيع فعل أي شيء، لكنها استطاعت تغيير النظرة السلبية لدى محفظتها بعد حصولها على المركز الأول بتقدير امتياز.
وأشارت إلى أنها "تطوعت في المساجد للوعظ والإرشاد، ولكن في مجتمعنا للأسف بتتعب وأنت متطوع أو متدرب، ولكن في المقابل لما تطالب بأبسط حقوقك، بيحكولك اقعد خلص ما بدنا اياك تكمل، وهي كل يلي صار معي تطوعت ثلاثة سنيين وفي المقابل لم أجد أي شخص أو جهة كنت أتطوع عندها بأن تسأل عليا".
وبينت الكفيفة هنية، أنه لا يوجد لدى المجتمع الوعي بكيفية التعامل مع المكفوفين، "وين ما أروح بيحكولي فشي الك مكان".
وقالت، إنها كانت تطمح في استكمال دراستها بمرحلة الماجستير في تخصص تفسير القرآن وعلومه، ولكن الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه عائلتها لا يسمح لها باستكمال تعليمها في ظل تهميشها من قبل المؤسسات والمساجد. أما والدهما سهيل أبو شحمة الذي كان دائماً يدعمهما مادياً ومعنوياً في مسيرتهما، فيقول: إنه بدأ معهما منذ مرحلة رياض الأطفال، بالتلقين كونه لا يستطيع شراء مصاحف خاصة بهما على طريقة برايل، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه.
ونوه إلى أنه لم يكن هناك اهتمام أو مساعدة من المساجد، بحجة أن ابنتيه كفيفتان وتتطلب حالتهما معاملة خاصة، وهو الأمر الذي تحول إلى محفز للعائلة كلها بتحدي الواقع المرير، والاستمرار في حفظ القرآن الكريم.
وأشار أبو شحمة إلى أن شقيقهما الأصغر محمد كفيف أيضًا كما يعاني من مرض التوحد، ولم تقبله أي مدرسة بسبب عدم مقدرة والده على دفع الرسوم الدراسية نظراً لوضعه الاقتصادي الصعب.