اليوم السبت 21 سبتمبر 2024م
تطورات اليوم الـ 351 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية الصحة: الاحتلال ارتكب 12 مجزرة خلال 72 ساعة وبعض الضحايا لا يزالون تحت الركامالكوفية حملة اقتحامات ومداهمات لعدة مناطق في الضفة الغربيةالكوفية نتنياهو..اليوم التالي لحرب "وحدة الساحات" يتكون نحو التغيير الإقليمي!الكوفية معنى التفجير الثاني الإسرائيلي؟الكوفية الابتكار في خدمة الدمارالكوفية إصلاح مجلس الأمن وعوائق الدول الكبرى!الكوفية الاحتلال يرتكب مجزرة مروعة في مدرسة «الزيتون» بغزةالكوفية وزير الصحة اللبناني: استشهاد 31 شخصا بينهم 3 أطفال و7 نساء بالغارة على ضاحية بيروتالكوفية العراق أبلغ لبنان استعداده لاستقبال أي عدد من جرحى تفجيرات أجهزة «البيجر»الكوفية الاحتلال يحتجز شابين على حاجز عسكري عند مدخل البيرة الشماليالكوفية الاحتلال يقتحم بلدة دير بلوط غرب سلفيتالكوفية مراسلنا: 8 إصابات جراء سقوط قذيفة مدفعية داخل أسوار الكلية الجامعية غرب خانيونسالكوفية مجلس الأمن يحذر من اندلاع صراع مدمر في لبنانالكوفية شهيد في غارة إسرائيلية على منطقة حامول جنوب لبنانالكوفية شهيد ومصابون جراء قصف الاحتلال منزلا لعائلة "مخيمر" في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزةالكوفية قوات الاحتلال تنسف مباني سكنية غرب مدينة رفح جنوب القطاعالكوفية حالة الطقس اليوم السبتالكوفية طائرات الاحتلال تقصف منزلاً شمال مسجد حسن البنا بمخيم النصيرات وسط القطاعالكوفية شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال منزلا في محيط مجمع ناصر الطبي بخان يونسالكوفية

الأسير الذي لم يرَ والده منذ 20 سنة

07:07 - 18 أغسطس - 2020
عبد الناصر عوني فروانة
الكوفية:

يزيد عدد الفلسطينيين الذين تعرضوا للاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي عن المليون أسير ومعتقل، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، أطفالاً وفتيات. وإن كانت مسألة الإحصاء هامة ويجب القيام بها بين الحين والآخر من أجل تسهيـل دراسة أوضـاع الأسـرى والمعتقلين. غير أن ما ينبغي فهمه ومعرفته، هو أن خلف هذه الأرقام تكمن مدلولات هامة وحياة بشر وأعمار تمضي خلف القضبان، وآلاف من قصص العذاب والألم والحرمان. فلكل أسير من هؤلاء قصة وحكاية تملأ مجلدات. وباسل سطّر حكايته وسجّل حروفها بفخر وعزة ممزوجة بالحزن والدموع ومجبولة بألم السجن ووجع الحرمان وقسوة السجان.

 لم تكن تعلم الأم وهي حامل بجنينها، بأنها ستُنجب نجلها البكر ليقضي نصف عمره، ولربما أكثر من ذلك، خلف قضبان السجون ووراء الشمس. ولم يكن لوالده أن يتوقع، ولا حتى في اسوأ الكوابيس، أن يكون ذاك اللقاء عام 2000 هو الأخير بينهما، ولم يكن يتخيل "ابا باسل" أن ينتهي بهم الحال الى فراق طويل بدأ قبل عشرين سنة ولم ينتهِ بعد، بفعل السجن الإسرائيلي واجراءات الاحتلال ومنع زيارات الأهل بذريعة ما يُصطلح على تسميته بـ "المنع الأمني"، في ظل صمت وضعف وتراجع دور المؤسسات الدولية. فكم كانت صعبة لحظة الفراق تلك، وكم هو قاسي ومؤلم استمرار الحرمان من رؤية الحبيب والعزيز. فالفراق حزن كلهيب الشمس، وفراق الابن من أصعب حالات الفراق. فكان الله في عونك أخي وصديقي أبو باسل وأنت تتابع أخبار الأسرى المقلقة وظروف احتجازهم القاسية واستمرار الاهمال الطبي المتعمد في ظل الاستهتار الإسرائيلي المتصاعد بحياة الأسرى وأوضاعهم الصحية في زمن "كورونا"، دون أن يُسمح لك بزيارته ولو مرة واحدة طوال فترة سجنه الطويلة.

 باسل عماد عريف: انخرط في صفوف كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكري لحركة "فتح" مع اندلاع انتفاضة الأقصى، ولكل امرئ من اسمه نصيب، فكان بطلاً باسلاً، شجاعاً، قاتل عدوه بشدة، وقاوم المحتل ببسالة ولم يأبه الموت، فسطّر صفحات من المجد والبطولة قبل أن يُعتَقل ويُعَذَب ويَصدُر بحقه حكماً بالسجن المؤبد.

 باسل عريف: الفلسطيني ابن مدينة غزة، اسمٌ بات يعرفه الجميع، ويحفظه الأسرى والمحررون، ويذكره الناشطون والمتابعون لقضايا الأسرى، ويردده الشرفاء والمخلصون، فهو مناضل عنيد، حفر اسمه بأحرف من نور ونار على جدران الزنازين المعتمة، وكتب فصولاً من الصمود والتحدي خلال مسيرته النضالية، وشارك إخوانه الأسرى معارك الأمعاء الخاوية ومقاومة السجان بإرادة صلبة لم تلن، وعزم جبار لم يضعف، فحَفَر اسمه عميقاً في سجلات الحركة الوطنية الأسيرة.

 ولد الأسير "باسل عريف" في الرابع من نيسان/ابريل عام 1982، وكان يقطن مع أسرته في حي الرمال غرب مدينة غزة، فكبر وترعرع في عائلة مناضلة وبين أزقة وشوارع المدينة، وانتمى لحركة "فتح" منذ نعومة أظافره، وفي عام 1998 التحق بجهاز الشرطة الفلسطينية وتلقى دورة تدريبية ومن ثم انتقل الى العمل في محافظات الضفة الغربية، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى عام2000، انضم إلى كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وشارك في العديد من العمليات الفدائية، ولعل أبرزها المشاركة في قتل مستوطنين اسرائيليين داخل مستوطنة "عوفر" انتقاماً لاستشهاد صديقه ورفيق دربه "مهند حلاوة".

 وفي التاسع عشر من آب/أغسطس عام 2002 وبعد مطاردة استمرت لشهور طويلة، تمكنت قوات الاحتلال الإسرائيلي من استدراجه عبر أحد العملاء واعتقاله والزج به في سجونها، فتعرض لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي رغم الإصابة التي كان يعاني منها في يده اليمنى، وبعد ثلاث سنوات من التوقيف والاستجواب والعديد من جلسات المحاكمة، أصدرت محكمة عوفر الإسرائيلية العسكرية حكماً بحقه بالسجن المؤبد (مدى الحياة) مرتين إضافة إلى 52 عاما.

 ومنذ اعتقاله قبل ثمانية عشر سنة تنقل في عدة سجون إسرائيلية وقضى سنوات متفاوتة في عسقلان وبئر السبع وهداريم وايشل ونفحة، ومكث فترات طويلة في زنازين العزل الانفرادي، وحصل على شهادة الثانوية العامة وشهادة البكالوريوس في العلوم السياسية داخل سجنه، فيما يقبع الآن في سجن نفحه في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة.

 وتمر الأيام والشهور وتمضي معها السنين، وتُقضى الأعمار خلف قضبان السجون وتحل الذكرى الثامنة عشر لاعتقال "باسل عريف" في التاسع عشر من آب/أغسطس الجاري ليدخل عامه التاسع عشر بشكل متواصل، والألم يزداد والوجع يتفاقم، ومعاناة باسل وأسرته تتسع، ولسان حالهم يقول: رفقاً بنا أيها السجن اللعين، فألا يكفي ما ألحقته بنا من ألم وقهر وحزن جراء ما تفرضه علينا وعلى أبنائنا من قيود، فو الله ما عاد في الروح متسع، وما عاد بمقدورنا تحمل مزيداً من الوجع. ولعل ما يخفف من وجعنا هو ذاك الأمل الذي يتعاظم يوما بعد يوم باقتراب اتمام صفقة تبادل جديدة وانتصار يكسر قيد المؤبدات، وتنجح من خلاله المقاومة الفلسطينية في اطلاق سراح رموز المقاومة. ويقُولون مَتى هُو. قُل عَسى أن يَكون قَريبًا.

 ويبقى الأخ باسل عريف، الأسير والمناضل .. منتصب القامة يمشي ولم يَنحنِ، ورأسٌ شامخٌ لم يطأطئ، وعنفوانٌ كبيرٌ لم ينكسر، ومناضل يتسلح بأمل الانتصار وكسر القيود

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق