اليوم الثلاثاء 25 فبراير 2025م
إعادة الإعمار في غزة.. مسيرة شاقة وسط قيود إسرائيلية تقيد المال والمعداتالكوفية الاحتلال يواصل عدوانه على مخيم جنين ويقوم بحرق العديد من المنازلالكوفية الاحتلال يواصل خروقاته ويمنع سكان رفح من العودة لمنازلهمالكوفية آلاف المباني في غزة مهددة بالسقوط.. كارثة وشيكة تلوح في الأفقالكوفية تهجير قسري في الضفة الغربية.. تعزيزات الاحتلال العسكرية تهدد الوجود الفلسطينيالكوفية طلاب غزة في مأساة.. المعبر مغلق ومستقبلهم الأكاديمي على المحكالكوفية مركز حقوقي: 900 حاجز عسكري إسرائيلي يحول الضفة إلى "سجن كبير"الكوفية فيديو|| استشهاد شاب فلسطيني في نابلس جراء إصابته برصاص قوات الاحتلالالكوفية إسرائيل تشن غارة على منطقة الشعرة في جنتا بالبقاع اللبنانيالكوفية لابيد: نتنياهو فشل في اتخاذ خطوات عملية لإيجاد بديل لحماس بقطاع غزةالكوفية منظمة الصحة العالمية: 14 ألف شخص في غزة يحتاجون إلى رعاية طبية طارئةالكوفية هيئة مقاومة الجدار والاستيطان: إسرائيل تسيطر على 70% من الضفة الفلسطينيةالكوفية الهلال الأحمر: شهيد و31 مصابا في مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال بمنطقة المقبرة الغربية بنابلسالكوفية اشتباك مسلح مستمر بين المقاومة وقوات الاحتلال في محيط المقبرة الغربية بمدينة نابلسالكوفية قوات الاحتلال تطلق الرصاص تجاه مركبات مركونة عند مدخل حارة الياسمينة في نابلسالكوفية مندوب فلسطين في الأمم المتحدة: لا مبرر للأذى الذي تلحقه "إسرائيل" بالأطفال في غزةالكوفية مندوب فلسطين في الأمم المتحدة: السبيل لحفظ الأمن هو الحفاظ على وقف إطلاق النار الدائم في غزةالكوفية مندوب فلسطين في الأمم المتحدة: إسرائيل قتلت آلاف الأطفال الفلسطينيين في ظروف شنيعةالكوفية قوات الاحتلال تقتحم بلدة حزما شمال شرق القدس المحتلةالكوفية لبنان: شهيدان وجريحان في حصيلة أولية للغارة الإسرائيلية على السلسلة الشرقيةالكوفية

بديل حل الدولتين هو دولة إسرائيل الكبرى

18:18 - 25 فبراير - 2025
 رجب أبو سرية
الكوفية:

بعد أن أطلق دونالد ترامب تصريحاته التي أثارت الجدل والصخب وذلك في كل الشرق الأوسط، وحتى في غير مكان من العالم، والخاصة بامتلاك أميركا لقطاع غزة، بعد طرد سكانه الى خارجه، وتحويله الى منتجع سياحي، بدأ  بعد أقل من عشرين يوماً بالتراجع، وبعد أن كان قد أكد على المقترح أكثر من مرة، بل وأصر على القول، حتى وهو يستقبل الملك الأردني عبد الله الثاني، بعد استقباله بنيامين نتنياهو، بأن الأردن ومصر ستستقبلان الغزيين، لأنهما تتلقيان معونات أميركية، تراجع بقوله بأن فكرته جيدة، لكنه لا يفرضها على الآخرين، بما دفع المحللين للقول بأن الهدف من الإعلان كان رفع سقف الصفقة السياسية التي سيقوم بعقدها في الشرق الأوسط في نهاية المطاف، لكن في حقيقة الأمر، كان الدافع وراء تراجع ترامب العنيد، مشابهاً تماماً للسبب الذي دفعه للتراجع عن تصريحاته التي أطلقها بمجرد دخوله البيت الأبيض، والتي تمس سيادة ومصالح كل من كندا والدنمارك وبنما والمكسيك.

أي باختصار، رد فعل الدول بالرفض القاطع، هو ما جعله يتراجع، بما يعني بأن الرجل واهم حيث يعتقد بأنه «بعبع مخيف»، ما أن يقول شيئاً، مهما بدا غريباً وغير منطقي، بل مجحفاً وغير إنساني، حتى يكون، وأن ما حدث أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أمرين أساسيين ومهمين، وهما: أولاً بأن العالم قد تغير كثيراً، وحتى وأميركا هي زعيمة النظام العالمي، وهي أكبر اقتصاد في العالم، بل وأكبر قوة عسكرية في العالم، لا يمكنها أن تفعل ما تريد بشكل مطلق، أو لا نهائي، والأمر الثاني، هو أن ترامب حين يفتح عدة جبهات في الوقت نفسه، يرتكب حماقة، فكثرة الأعداء والخصوم، لا يمكن أن تكون وصفة جيدة لأية دولة، ومن شبه المؤكد أن تخسر أية دولة حتى لو كانت بحجم أميركا، حين تخوض معارك سياسية أو اقتصادية على أكثر من صعيد وجبهة، وضد أكثر من طرف في الوقت نفسه.

لكن المهم الذي يعنينا نحن هنا كعرب وكشعوب شرق أوسطية، هو أن رد مصر والأردن ومعهما السعودية المشابه للرد المكسيكي أو الكندي أو حتى الدنماركي، كان كفيلاً أو كافياً ليفرض التراجع على رجل ظهر بمجرد أن دخل عتبة البيت الأبيض، كرجل حاسم وقاس، وكان أول تهديد له، فتح أبواب جهنم على الشرق الأوسط، وكانت مشكلته أنه حدد ساعة الصفر، وحيث مرت دون أن يفعل شيئاً، فهذا يعني ببساطة أنه فقد هيبته تماماً، أو أنه ما عاد يخيف أحداً، ولا يمكن لأحد بعد اليوم أن يأخذ تهديداته على محمل الجد، وذلك بسبب كونه يرفع سقف التهديدات عالياً، بما يجعلها مستحيلة، وبمجرد أن لا يقع شيء منها، يفقد هيبته تماماً وقدرته بعد ذلك على التهديد والوعيد، وترامب في حقيقة الأمر كان كذلك تماماً عندما دخل البيت الأبيض لأول مرة مطلع العام 2017، ولم يتغير من هذه الناحية، لكن رغم ذلك فإن انتخابه يدل على سياسة أميركية داخلية وخارجية، ستغير من طبيعة النظام العالمي، وربما تغير أيضاً من شكل وجوهر النظام الفدرالي الديمقراطي الأميركي نفسه.

تراجع ترامب عن خطته الخاصة بتهجير سكان قطاع غزة، وامتلاك اميركا للقطاع، كان خطوة على طريق صراع الإرادات في الشرق الأوسط، ارتباطاً بأنه  يشهد إسقاط العديد من أنظمته وتفكيك العديد من الدول المركزية مثل العراق وسورية، اليمن وليبيا، وتحويلها الى دول هشة، وارتباطاً بنظام عالمي آخر تلوح معالمه في الأفق، إن كان عبر شراكة أميركية _ روسية، بعد أن كان في أتون حرب أميركية_روسية في أوكرانيا، أو غير ذلك، والدنيا كلها تعلم بأن التقارب الأميركي الروسي رافقه تباعد أميركي أوروبي، فيما ما زال مصير الصين غير واضح، باعتبار هذه القوى الأربع الأهم في العالم، إن كان الحديث سيجري عن أقطاب دولية، فيما تبقى دول مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وإيران، وربما اليابان، دولاً ذات تأثير في حال ذهاب العالم الى نظام متعدد الأقطاب اقتصادياً وسياسياً، حيث سيحرص كل طرف أو قطب على استقطاب الدول الأخرى بعلاقات اقتصادية وسياسية، حينها ستحدد عشرات الدول وجهتها، استناداً لعوامل عديدة منها التبادل التجاري والتقارب الجغرافي، وربما التقارب الثقافي والسياسي.

وفي حقيقة الأمر، أن أميركا نفسها وهي زعيمة النظام العالمي أحادي القطب الذي نشأ بعد الحرب الباردة، تقود هذا التغيير، في محاولة بالطبع لتحديد جوهره، حتى لا يفرض عليها نظام عالمي متعدد الأقطاب، بما يحط من قدرها ومن مكانتها، وبالتزامن مع سلسلة القرارات التي اتخذها ترامب، الخاصة بتخفيض النفقات العامة، وتقليص عدد العاملين بالنظام الفدرالي، كذلك قطع المساعدات الخارجية، ورفع الضرائب على البضائع المستوردة، وما الى ذلك من إجراءات، جاءت محاولة المشرعين الجمهوريين وهم الأغلبية الحاكمة سواء في البيت الأبيض أو في مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس، لإصدار قانون يفرض على أميركا الانسحاب من الأمم المتحدة، باعتبار أنها باتت لا تحقق المصلحة الأميركية، استناداً الى حقيقة كون أميركا تمول ما نسبته 20% من ميزانية المنظمة الأممية، وبما يوازي 18 مليار دولار سنوياً، وذلك بعد أن انسحبت أميركا فعلاً من عدة منظمات تابعة للأمم المتحدة، وكذلك رغم الحقيقة التي تشير الى ان أميركا معتادة مع كل كونغرس جديد أن تكون أمام مثل هذه المشاريع من القرارات، إلا أن أميركا التي كان وجود الأمم المتحدة على أرضها، والتي كان لها كل هذا التأثير عليها، بما عزز مكانتها كزعيم للنظام العالمي، تدرك أن انسحابها منها، يعني تنازلها عن زعامة النظام العالمي، أو على الأقل الدفع والتسريع بعملية إنشاء نظام عالمي جديد آخر.

لن يكون الشرق الأوسط بمنأى عن هذا، ولهذا فإن الصراع الحاد يتركز في فلسطين، بين اليمين المتطرف الإسرائيلي، الذي تراجع عن اتفاق أوسلو أولاً وعن حل الدولتين ثانياً، وبات يرفع راية أرض اسرائيل الكبرى، التي تضم كل أرض فلسطين الانتدابية مع ما يمكن ضمه من أراضي دول الجوار، وبين المقاومة الفلسطينية، إنما هو النقطة التي ستدل على شكل الشرق الأوسط الجديد، الداخل في النظام العالمي القادم، واذا كان اليمين المتطرف الذي يقيم اليوم دولة اللاهوت، أو دولة إسرائيل الثانية على أرض الضفة الفلسطينية والقدس، ويتطلع الى تهجير سكانها الفلسطينيين أولاً، ومن ثم التطلع لمزيد من التوسع شرقاً وشمالاً وربما جنوباً أيضاً، يصر على مواصلة الحرب، وعلى أن لا تكون لا حماس ولا السلطة أو فتح في اليوم التالي، فإن منع أن يتحكم بالشرق الأوسط دولة واحدة، هي إسرائيل يفرض إخراج اليمين الإسرائيلي المتطرف، صاحب برنامج إسرائيل الكبرى من المسرح السياسي.

ورغم أن مجرد عقد صفقة التبادل بما فرضته من وقف مؤقت لإطلاق النار، قد أخرج ايتمار بن غفير، الذي يشكل مع بتسئليل سموتريتش وبنيامين نتنياهو هيئة أركان دولة اسرائيل الكبرى، فإن مواصلة العمل على طريق وقف اطلاق النار، لا يبقي عليه خارج الحكومة وحسب، بل قد يخرج منها ركن التطرف الثاني سموتريتش، فيما تراجع واشنطن تماما، عن خطة التهجير، يساعد تماماً على «إخراس» التطرف الإسرائيلي النافي للآخر الفلسطيني، والدافع بالشرق الأوسط الى أتون الحرب الإقليمية، ولهذا فإنه بعد أن حققت المقاومة الفلسطينية وجبهات الإسناد الإقليمي صموداً أسطورياً، منع التطرف الفاشي الإسرائيلي من تحقيق هدف التهجير ميدانياً، منذ بدء الحرب قبل عام ونصف، فإنه يتوجب على العالم العربي والإسلامي المحيط بفلسطين والمكون للشرق الاوسط، أن يسعى، بل أن يطالب بإخراج التطرف الفاشي الاسرائيلي من المسرح السياسي، وفرض حل الدولتين، لأن بديل ذلك هو دولة اسرائيل الكبرى، التي تهدد كل الشرق الاوسط، إن لم يكن بالاحتلال، فبالسيطرة.

وهنا يمكن للعرب فعل الكثير، بعد أن تحطمت صورة إسرائيل دولياً، ومع إعادة ترتيب العلاقات بين الكبار، وخلط الأوراق العالمية، حيث يمكن حتى لترامب وللجمهوريين الباحثين عن «مصلحة أميركا» بأي شكل، وعبر الأموال التي يمتلكها العرب، والتي يعتبر الشرق الأوسط غنياً بها، أن يكونوا قادرين ليس فقط على «لجم» إسرائيل التي لم يعد لها من صديق سوى الأميركي التاجر، بل على المشاركة في تحديد معالم النظام العالمي الجديد الآخر.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق