خاص: تمعن سلطات الاحتلال الإسرائيلي وإدارة سجونها، بتنكيلها في الأسيرات الفلسطينيات وممارسة الإجراءات القمعية بحقهن، في محاولة لاستنزاف صمودهن وكسر إرادتهن، ضاربة بعرض الحائط كافة المواثيق والقوانين الدولية.
وتحرم الأسيرات من حقوقهن كافة، بالتزامن مع ظروف قاسية ومأساوية في سجون الاحتلال، مع استمرار سياسة اقتحام الأقسام والغرف بهدف التفتيش والتنغيص، وانتهاك خصوصياتهن من خلال تثبيت كاميرات المراقبة في ساحة الفورة والممرات، والتنقّل بسيارة البوسطة على فترات متقاربة ومتكررة لفرض مزيد من التنكيل بحقهن.
الأسيرات المرضى
تروي والدة لأسيرة نورهان عواد لـ"الكوفية" تفاصيل معاناة ابنتها داخل سجون الاحتلال وحرمانها منها، مؤكدة أنها تعاني أوضاعًا صحية متردية في سجون الاحتلال، بسبب 3 رصاصات أطلقها الاحتلال صوبها قبل اعتقالها.
اعتقلت الأسيرة المقدسية نورهان عواد 23 في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وكان عمرها آنذاك 16 عامًا، وحكم عليها بـ13 عامًا ونصف العام إضافة إلى غرامة قدرها 30 ألف شيقل.
تذكر الأم المكلومة تفاصيل خضوع ابنتها لتحقيقات شديدة، وهي مصابة وتحت تأثير البنج دون مراعاة حالتها الصحية، مشيرة إلى وقوفها أثناء التحقيق 12 ساعة على قدميها زاد من آلامها وفاقم من إصابتها.
أما المحررة وفاء البس التى انضمت إلى صفوف المقاومة، وتوجهت في 20 يونيو/ حزيران 2005، إلى حاجز بيت حانون "إيرز"، لتنفذ عملية استشهادية تشاركت مع عواد ذات المعاناه إثر إصابتها ب حروق طالت أجزاء كبيرة من جسدها بعد انفجار الحزام الناسف جزئيًا بسبب خلل في الكبسة.
رفضت البس على مدار أعوام اعتقالها محاولات مساومتها، وظلت تعاني من حروق درجة ثالثة رافقتها منذ لحظة اعتقالها عام 2005، وكان الإهمال الطبي وسيلة الاحتلال في مفاقمة آلام حروقها.
تصف البس مشهد خروجها من السجن للعلاج في مشفى تل شومير، قائلة، "قادني الاحتلال مكبلة اليدين بسلاسل تمتد حتى قدمي، موصولة بسلسلة إلى الأمام وأنا أزحف أمام أعين المارة".
وتسترجع المحررة نسرين أبو كميل، ظروف الاعتقال المأساوية، والإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة مصلحة سجون الاحتلال التي تعرضت له وأدى إلى إصابتها بأمراض مزمنة بعد أسابيع من اعتقالها، كالضغط، والسكري، وحساسية الصدر، وأورام الساقين، إضافة إلى كسر في يدها اليمنى بعد عراكها مع السجانة لمنع أخذ أسيرة إلى التحقيق.
وتوضح أن الأسيرات يعانين الإهمال الطبي المتعمد، ومن بينهن جريحات ومريضات، إضافة إلى حرمانهن من أدنى حقوقهن المشروعة، وإخضاعهن للتحقيق العسكري، الذي تستخدم فيه مصلحة السجون شتى أساليب التعذيب.
يذكر أن الأسيرة نسرين أبو كميل البالغة 47 عامًا، اعتقلت في أكتوبر/ تشرين أول 2015، خلال مغادرتها عبر حاجز بيت حانون/ إيرز شمالي قطاع غزة، لاستلام تصريح عمل زوجها للدخول إلى الأراضي المحتلة عام 1948، وحكم عليها بالسجن 6 سنوات.
الأسيرات الأمهات
اعتقلت الأسيرة روان سمحان وهي أم لـ5 أطفال أصغرهم رضيع، عام 2014 خلال زيارة شقيقها عبد الله السمحان المحكوم بالسّجن الفعلي لمدة "19 عامًا"، واستمر اعتقالها في حينه لمدة 12 يومًا، حتى أُفرج عنها بكفالة بقيمة 20 ألف شيقل، وذلك مع مواصلة محاكمتها التي استمرت 5 أعوام، إلى أن حُكم عليها بالسّجن الفعلي لمدة 18 شهرًا وأفرج عنها في 15فبراير/شباط 2021.
حملت المحررة سمحان رضيعها محمد البالغ 7 أشهر بين يديها أثناء محاكمتها، قبل أن ينتزع الاحتلال رضيعها.
تصف سمحان اشتياقها لأطفال داخل أسوار السجن، قائلة إن "الأسيرات المتزوجات ولديهن أطفال يعشن ظروف صعبة في السجن، خاصة في المناسبات كالأعياد".
وتضيف، أن "معاناة الأسيرات تتضاعف في يوم الأم وفي ذكرى ميلادهم، لافتقادهن أبنائهن خلال تلك المناسبات في ظل الحاجة المتبادلة بين الأوم والطفل".
ذات المعاناة تشاركتها المحررة نسرين أبو كميل مع سابقتها، التى قالت لـ "الكوفية"، إن "الاحتلال حرمني من زيارة أبنائي الـ7 وزوجي على مدار 6 سنوات، وكلما قدمت طلبًا للسماح لزيارتهم، رفضته إدارة مصلحة السجون، بحجة أنه لا يسمح بزيارة أهالي من قطاع غزة".
وأضافت، "كنت أؤنس وحدتي بأشغال يدوية لجميع مناسبات أولادي، وأخبرهم في رسائل أني غزلت لهم شيء أو صنعت لهم هدية بمناسبة عيد ميلاد أحدهم أو تخرجهم، وأرسلهم مع إحدى الأسيرات المحررات لأطفالي".
من جانبها أكدت المحررة وفاء البس، أنها شهدت ولادة الأسيرتين المحررتين سمر صبيح وفاطمة الزق داخل السجن، قائلة، "رأيت جنود الاحتلال يقتادوهما مكبلتي الأيدي ويمعنون في تعذيبهما وهما تعانيان آلام المخاض".
يوجد 31 أسيرة فلسطينية يقبعنّ في سجن "الدامون" الإسرائيلي، بينهن 10 أمهات، وتستمر إدارة سجون الاحتلال، بحرمان أطفال وأبناء المعتقلات من الزيارات المفتوحة، عدا عن حرمان البعض منهن من الزيارة.
الأسرى الأطفال
واعتقلت الأسيرة المحررة نوران البلبول، على الحاجز الشمالي لبيت لحم والمعروف بمعبر -300-، حيث كانت آنذاك طفلة 14 عامًا.
تستذكر نوران لحظة اعتقالها، قائلة إن "المجندة مجرد أن رأت أوراقي، يبدو أنها علمت أنني ابنه الشهيد أحمد البلبول الذي اغتيل عام 2008، لذلك طلبت منى خلع ملابسي على الحاجز وعلى مرأى الجميع بحجة التفتيش، فرفضت وحدثت مشادة كلامية بيننا، فصرخت المجندة بأعلى صوتها -مخربة تحمل سكين-".
وأضافت، "أمضيت أسوأ أيامي في التحقيق، أمام 4 محققين لا شفقة ولا رحمة في قلوبهم، خلال 18ساعة لم يقدم لي طعام أو شراب، وكلما غلبني النعاس قاموا برفسي لإيقاظ ".
تبتلع ريقها وتستأنف، "وضعوني في غرفة باردة، مكبلة اليدين، وأحضروا صور والدي الشهيد وهو مضرح بالدماء وأخبروني أنهم قتلوه وسيقتلونني وعائلتي ".
تصف نوران حافلة النقل البادرة المظلمة، بـ"ثلاجة الموتى"، قائلة، "وقفت أصرخ من شدة الألم والبرد على الرغم من ارتدائي جاكيت مصلحة السجون، فأطل أحد الجنود برأسه من الشباك، وسألني: ماذا تريدين؟، رأسي يؤلمني ولا أستطيع الوقوف، فرد: إخرسي، فقمت بشتمه، فانهال عليا بالضرب والشتائم وقام بشد الكلبشات "القيود" على يدي وأوقعني أرضًا".
يذكر أن الاحتلال لا يراعي حداثة سن الأطفال أثناء تقديمهم للمحاكمة ولا يشكل لهم محاكم خاصة، بالإضافة إلى أنه يحدد سن الطفل بما دون الـ16 عامًا، وذلك وفق الجهاز القضائي الصهيوني الذي يستند في استصدار الأحكام ضد الأسرى الأطفال إلى الأمر العسكري رقم "132"، والذي حدد فيه سن الطفل بمن هو دون الـ16عامًا، وفى هذا مخالفة صريحة لنص المادة رقم "1" من اتفاقية الطفل والتي عرفت الطفل بأنه "كل إنسان لم يتجاوز الـ18".