للمرة الأولى يتم الكشف عن دعوة رفعها فلسطينيين في ديسمبر 2024، ضد وزارة الخارجية الأمريكية، متهمينها بالتحايل عمدا على "قانون ليهي" الصادر عام 1997 وتعديلاته اللاحقة عام 2008، والذي يلزم حكومة الولايات المتحدة بعدم تمويل أي قوات أجنبية "يتأكد تورطها في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان".
الدعوة المرفوعة ضد الخارجية الأمريكية تحت قيادة أنتوني بلينكن (يهودي)، اشارت إلى سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبها جيش الاحتلال بدعم من الولايات المتحدة، أفعال ترقى إلى الإبادة الجماعية في غزة والتعذيب، والاحتجاز لفترات طويلة دون تهمة، والاختفاء القسري.
فتحت الدعوة الأولى التي تلجأ لاستخدام قانون أمريكي خاص بحقوق الإنسان ضد تحايل الحكومة الأمريكية، فعلا متطورا وبداية يمكن وصفها بـ "الاختراق السياسي" لكسر "تابو الخوف" من المنظمات الصهيونية ومختلف أدواتها في الولايات المتحدة، رسالة في توقيت خاص حيث تتنامى الدعوات لمطاردة دولة الاحتلال وقادتها أمام "العدالة الدولية".
الدعوة من عدد محدود بينهم حملة الجنسية الأميركية، تمثل بادرة إبداعية أمام العموم الفلسطيني، وبالتأكيد الرسمية الفلسطينية بكل مكوناتها، والمنظمات الشعبية الفلسطينية، التي كان لبعضها حضورا مميزا في الساحة الأمريكية، بالعمل على كيفية استخدام القانون الأمريكي لمطاردة خارقيه من الحكومة الأمريكية.
وذات الأمر، معروض أمام جامعة الدول العربية، التي عليها مطالبة أعضائها، بالتفكير في وضع آليات مختلفة لاستخدام "قانون ليهي"، في ملاحقة دولة الفاشية اليهودية، ومختلف قادتها المتورطين بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، وفتح جبهة إعلانية – إعلامية لتلك الحملة التي لها أن تكون قوة مضافة للعمل العام.
رفع دعاوي متعددة من قبل عرب وفلسطينيين ومنهم حملة الجنسية الأمريكية، سيكون مصدر إرباك مضاعف لدولة الكيان الاحلالي، وكذا الإدارة الأمريكية، مع ارتفاع موقفها العدائي ضد فلسطين، واستمرار اعاقتها لتطوير مكانتها في الأمم المتحدة، ومنع الجمعية العامة من عقاب دولة الإبادة الجماعية، واستباقا لما سيكوون منها تهديدا للجنائية الدولية.
وتزداد قيمة رفع دعاوي ضد دولة الفاشيين الجدد وقادتها المطلوبين، مع مسار المحكمة الجنائية الدولية، وما صدر عن المدعي العام لها مؤخرا، حول استكمال كل أركان رفع دعوى لاعتقال نتنياهو ووزير الجيش السابق غالانت، وآخرون من جيش العدو، واستخدامها كدعم مضاف للحملة داخل الولايات المتحدة.
الدعوة التي رفعها بعض الفلسطينيين ضد الخارجية الأمريكية وفقا لقانون ليهي، احتلت مكانة خاصة في المشهد الإعلامي، بكل اللغات، رغم أن توقيتها كان حرجا جدا، وسط أحداث هزت المنظومة الكونية، وخاصة إزاحة حكم الأسد بعد 54 عاما بشكل أذهل كل المتابعين، مع تطورات الحرب العدوانية على فلسطين ولبنان، لكنها فرضت ذاتها لما بها جرأة وتحدي لمنظومة تحاط بجدار صهيوني سميك.
توفر منظمات حقوق الإنسان العالمية، وليس الفلسطينية والعربية فقط، منها "العفو الدولية" و"هيومن رايتس وتش"، وثائق مذهلة، وهي مؤسسات لا يمكن لدولة العدو، أو خارجية بلينكن اعتبارها "لا سامية" كون تأسيسها جاء في ظل "الحرب الباردة" واستخدام أمريكي لها ضد المنظومة الاشتراكية وخاصة الاتحاد السوفيتي في تلك الفترة، حين كان تعبير "حقوق الإنسان" يمثل رأس حربة أمريكا ودول الغرب في حربهم الكاذبة.
قانون ليهي سلاح ناعم، يكمن استخدامه لمطاردة دولة العدو الاحلالي دون معارك حربية، وبلا مواجهات ساخنة..فهل تفعلها الرسمية الفلسطينية أم لديها "حسابات خاصة"..السؤال مفتوح.