القدسرالمحتلة: ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، ان "المرسوم التنفيذي الصادر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 كانون الثاني/يناير تحت غطاء خطاب زائف ومستهلك يُسوّق بعنوان "محاربة معاداة السامية"، هو تتويج لنزعة استبدادية متصاعدة، تعكس التواطؤ الأمريكي الرسمي مع منظومة الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي في غزة. هذا المرسوم يعد تعدٍ على الحريات الأكاديمية، ويشكل قاعدة لمنظومة قمع مؤسسي تُسخّر فيها أدوات الدولة لملاحقة الأصوات الحرة، وتجريم المواقف الأخلاقية، وإضفاء الشرعية على استهداف المدافعين عن القانون الدولي وحقوق الإنسان. إنها محاولة لإعادة تعريف الحرية الفكرية لتصبح مرهونة بولاء أعمى للصهيونية وجرائمها بحق الإنسانية، وفرض معادلة قمعية يتم فيها إخراس الحقيقة تحت تهديد الملاحقة القانونية، وتجريم مقاومة فظائع الإبادة".
وشدد دلياني على أن "هذا المرسوم لا يمت بصلة إلى حماية المجتمعات من معاداة السامية، بل هو أداة لقمع كل من يفضح ويقاوم جرائم الإبادة التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي، ويعيد تعريف النضال الحقوقي والسياسي المشروع على أنه تهديد أمني ومجتمعي لتبرير عمليات قمع أيديولوجي." وأضاف أن "إجبار الجامعات على مراقبة طلابها بناءً على مواقفهم السياسية هو استنساخ فجّ لنهج الاستبداد القائم على تحويل المؤسسات الأكاديمية إلى أدوات بوليسية تُسكت كل من يجرؤ على انتقاد الاحتلال الاسرائيلي أو الدفاع عن حقوق ضحاياه من ابناء شعبنا."
وأشار القيادي الفتحاوي إلى أن مرسوم ترامب يشكل امتدادا لحملة صهيونية دولية تستهدف تفكيك المد المتصاعد للحراك العالمي الداعم للقضية الفلسطينية، لافتًا إلى أن "القرار التنفيذي الذي اصدره ترامب سابقاً في اول يوم في ولايته الثانية (20 كانون ثاني/يناير) والذي رسّخ مبدأ "التوجه الفكري" كأداة لترحيل الطلاب ومنع تأشيرات الدخول لمجرد دعمهم لحقوق الإنسان الفلسطيني كان مقدمة لهذه الخطوة القمعية الجديدة، التي تهدف إلى ترسيخ معادلة تجرّم رفض الإبادة الجماعية وتصور العدالة الأخلاقية على أنها تطرف ينبغي قمعه."
وفي إطار تعليقه على التوظيف السياسي لمعاداة السامية، أوضح دلياني أن "التلاعب بالمفاهيم بهدف تصنيف كل من يرفض جرائم الاحتلال كمعادٍ للسامية هو مغالطة خطيرة تهدف إلى توفير غطاء قانوني لنظام استيطاني إحلالي قائم على الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. وفي الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة تصاعدًا غير مسبوق في حالات التمييز العنصري ضد شعبنا وأنصارنا داخل الجامعات، بمن فيهم الطلاب الأمريكيين اليهود الرافضين لجرائم الاحتلال، يسعى هذا المرسوم إلى ترسيخ هذا القمع على المستوى المؤسسي، بحيث تصبح حرية التعبير انتقائية لا تتعارض مع الأجندات الصهيونية فقط."
منذ أن أطلقت دولة الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الإبادي المتجدد على شعبنا في أكتوبر 2023، أصبحت الجامعات الأمريكية ميادين مواجهة، حيث يتعرض الطلاب الذين يرفضون الرواية الصهيونية السائدة لعمليات قمع، تتراوح بين الطرد الأكاديمي، والملاحقات القانونية، والاعتقالات، إلى جانب الضغط المستمر لإخضاعهم أو إسكاتهم بالقوة. وشدد دلياني على أن "مرسوم ترامب يأتِ لإضفاء الشرعية على هذه الممارسات القمعية، وتحويلها إلى سياسة رسمية تضمن أن يكون التضامن مع ضحايا جرائم الحرب الإسرائيلية سببًا كافيًا للملاحقة والعقاب."
وفي ظل التحولات العالمية المتسارعة، حيث يتزايد الإدراك العام لجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا، اعتبر دلياني أن هذه السياسات لا تعكس قوة النظام الذي يسعى لحمايتها، بل تكشف حجم الفزع الذي يسيطر على داعمي الاحتلال من تصدع الهيمنة الدعائية التي حاولوا ترسيخها لعقود. وأكد أن تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح يدعو كافة المؤسسات الأكاديمية، ومنظمات الحقوق المدنية، والمدافعين عن حرية الفكر والتعبير إلى رفض هذا النهج القمعي والاستبدادي، وإعادة التأكيد على القيم الديمقراطية التي تضمن لكل إنسان الحق في فضح الجرائم ضد الإنسانية والدفاع عن القيم الإنسانية والعدالة، وفي مقدمتها العدالة لشعبنا الفلسطيني.