- قصف جوي إسرائيلي في محيط مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة
- القناة 12 الإسرائيلية: إطلاق أكثر من 100 صاروخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل منذ ساعات الصباح
تسعى القيادة التركية للهيمنة على الدول العربية عبر استخدام جماعات مثل تنظيم الإخوان، واتضح في اليمن كيف أنّها منذ وقت مبكر استخدمت حزب الإصلاح الإخواني لاختراق هذه الدولة، وهرّبت له، وفق تقارير دولية، السلاح ووفّرت ملاذاً آمناً للكثير من قياداته ورموزه، وتحوّلت إلى وجهة مفضلة لقنواته الإعلامية من أجل ملاحقة أحلامها في السلطنة العثمانية على حساب الأمة العربية.
مؤشرات التدخل
تعود مؤشرات التدخل التركي في اليمن عن طريق جماعة الإخوان لفترة مبكرة حين اتهم سياسيون يمنيون، وفق ما ورد بصحيفة أحوال تركية بتاريخ 10 آذار (مارس) 2020، أنقرة بتهريب كميات كبيرة من السلاح ومسدسات كاتمة للصوت في العام 2011 يُعتقد أنّها استخدمت على نطاق واسع في اغتيال شخصيات سياسية وأمنيّة.
ويؤكد مركز "المزماة للبحوث والدراسات" تحت عنوان "تركيا وإخوان اليمن والنفوذ الإيراني" تلك العلاقة ومؤشراتها التي ظلت، وفق الدراسة، طوال عهد الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح هامشية بينما توثقت على عدة محاور وبطريقة سرية في جزء معتبر منها مع حركة الإخوان، فدعمت بالمال والاستشارات والخدمات الفنية الشيخ حميد الأحمر القيادي بالجماعة، كما منحت القيادات توكيلات لشركات ومنتجات تركية غزت أسواق اليمن بصورة لافتة وذلك في إطار الدعم لحلفاء أنقرة.
تقول الدراسة: مع تصاعد الأحداث في اليمن لم تحرك تركيا ساكناً إلا بعد رحيل علي عبد الله صالح، وفي هذا الإطار قام الرئيس التركي في كانون الثاني (يناير) 2011 بزيارة لليمن، تم خلالها توقيع اتفاق مشترك لإلغاء تأشيرات المرور بين حكومتي البلدين، وتحولت صنعاء إلى قبلة للمسؤولين الأتراك في إطار المساعي لإيصال حزب الإصلاح، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، إلى السلطة لضمان الحضور في صدارة المشهد المسيطر على ممرات الملاحة المائية في جنوب وشمال البحر الأحمر، وكان التخطيط هادئاً وبليل أو من وراء ستار، فمثلاً تم تدريب أكثر من 800 من كوادر حزب الإصلاح في اليمن "الإخوان" في مجالات عديدة أبرزها التنمية البشرية والتخطيط والتقنيات الحديثة في الاتصالات والتخطيط العسكري وإدارة المؤسسات الصحية والتعليمية وغيرها.
مع تعقد المشهد اليمني وسيطرة الحوثيين على العاصمة وتعيين حكومة جديدة بقيادة خالد بحاح، دافع أردوغان عن حزب الإصلاح في اليمن، قائلاً في تصريحات صحفية: "إن الإصلاح هو الحزب الإسلامي الأكثر سياسة ومرونة من التيارات الإسلامية"، وكان من الواضح أنّ سقوط الإصلاح حطم مشروع العدالة والتنمية التركي الهادف إلى تأسيس كيان إسلامي بزعامة أنقرة، فضلاً عن بناء شبكات تحالفات قوية تعمل على تعضيد المذهب السنّي في مواجهة مشروع إيران الداعم للتوجه الشيعي في المنطقة، وبالتالي تحويل اليمن إلى ساحة للصراع الإقليمي والمشروعات الخارجية.
خطة الابتزاز
ورد في تقرير لصحيفة الأمناء اليمنية تحت عنوان "لابتزاز التحالف توجيهات إخوانية بإشهار ورقة التقارب مع الحوثيين" أنّ تركيا وفّرت ملاذاً آمناً للكثير من رموز التشدد في إخوان اليمن والمطلوبين أمنياً على خلفية قضايا سياسية، مثل منفذي تفجير مسجد دار الرئاسة الذي استهدف الرئيس علي عبدالله صالح وأركان حكمه في العام 2011، إضافة إلى استقبال شخصيات مدرجة على قوائم الإرهاب الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية، وبعض القيادات اليمنية المثيرة للجدل على خلفية علاقتها بجبهة النصرة والجماعات المسلحة في سوريا.
وتحولت تركيا إلى وجهة مفضلة للقنوات الإعلامية المموّلة من قطر لإرباك المشهد اليمني واستهداف دول التحالف العربي، حيث تبث العديد من القنوات الإخوانية من مدينة إسطنبول مثل: "بلقيس" و"يمن شباب" و"المهرية".
في هذا السياق شهدت مدينة إسطنبول خلال الأيام الأخيرة من شهر شباط (فبراير) 2019 عقد ندوة سياسية نظمتها الناشطة اليمنية الإخوانية توكل كرمان، تحت عنوان "يمن ما بعد الحرب" وهي فعالية تروج لانتهاء الحرب في اليمن لصالح الميليشيات الحوثية وضرورة التوصل لاتفاق سياسي على قاعدة العداء للتحالف العربي بقيادة السعودية.
ما يشار إليه إلى أنّ الرئيس استقبل كرمان ومنحها الجنسية التركية، كما استقبل عقب سقوط الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وزير النقل اليمني صالح الجبواني وأعلن عن توقيع اتفاق ثنائي مع ممثلين عن الحكومة التركية لإدارة الموانئ والمطارات اليمنية.
ونقل موقعُ "عين أوروبية على التطرف" أنّه خلف الأبواب المغلقة، عقد الإخوان المسلمون مؤتمراً، استمر يومين في إسطنبول، 14 و15 أيلول (سبتمبر) 2019، بعنوان "أصالة الفكرة واستمرارية الرسالة"، حضره 500 شخص، بينهم شخصيات يمنية اختيروا جميعاً بعناية من الحرس القديم للتنظيم، وكان هناك حضور لافت لأعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي تعود أصوله الأيديولوجية إلى جماعة الإخوان، للتخطيط للسياسة المستقبلية في المنطقة العربية.
تفاصيل الخطة كاملة نقلتها صحيفة "الأمناء" اليمنية، على لسان محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة "رؤية"، أنّ "أردوغان اجتمع بالرئيس روحاني والشيخ تميم على هامش قمة كوالالمبور، وتمَّ الاتفاق على "تسخين" الجبهة اليمنية من خلال التقريب بين "إخوان اليمن – الإصلاح" والحوثيين، بهدف استمرار نزيف التحالف العربي في اليمن، وبالتالي تعطيل فاعلية الدول العربية بالملف الليبي، وأنّ تقوم قطر ومن خلال ما يسمى "الجناح القطري" في إخوان اليمن بعقد سلسلة من الاجتماعات في الدوحة وتركيا وماليزيا لتنسيق الخطوات التالية"، متابعاً أنّ ذلك سيأخذ مجموعة من الأشكال خلال الفترة المقبلة أهمها:
1ـ إشهار تركيا لورقة الإخوان المسلمين في اليمن "صراحة" خلال الفترة المقبلة عبر التصريحات الداعمة علنياً بين تركيا وإخوان اليمن.
ويأتي ذلك بعد أن نجح الإصلاح ـ حسب تصور الأطراف الثلاثة ـ في تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وميدانية غير مسبوقة في اليمن.
2ـ قيام الحوثي وحزب الإصلاح باستئناف استهداف قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والنخب في المناطق الجنوبية، وقيام حزب الإصلاح بتقديم معلومات عن تحركات قوات المجلس الانتقالي والنخب، حتى يسهل استهدافها من جانب الحوثي بما يصب في صالح الحوثي وإخوان اليمن معاً.
3ـ قيام الحوثي بعمليات استهداف جديدة بحق السعودية، وتهديد دول التحالف باستئناف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة على أهداف مدنية.
4ـ الاتفاق على أنّ التصعيد الحوثي تجاه التحالف سيخدم إيران من خلال تفعيل "ورقة الحوثيين" الأقل تكلفة بالنسبة لإيران بهدف تخفيف الضغط الأمريكي على طهران في ملفات العراق وسوريا وحزب الله اللبناني.
5ـ قطع الطريق على أي تحسن في العلاقة بين الحوثي والسعودية وإفشال أي تقارب أو وساطة تجمع أو تقرب بين الجانبين.
6ـ التشكيك الدائم في العلاقة بين الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي والتحالف العربي.
7ـ التشكيك في جدوى اتفاق الرياض.
8ـ الهجوم على طارق صالح وعلى دوره في الساحل الغربي "حراس الجمهورية" بادعاء أنّه ظلٌ للخارج، ويعمل خارج الشرعية اليمنية، وتأليب أبناء الساحل الغربي والحديدة ضده.
يعلل تلك الخطة أنّ خبراء منسوبين لحزب العدالة والتنمية رأوا أنّه استناداً إلى مصالح أنقرة الجيواستراتيجية في البحر الأحمر وباب المندب إلى جانب الروابط التاريخية بين الأتراك واليمنيين والمتأصلة في العهد العثماني، فإنه يجب أن تكون لتركيا حصص كبيرة في مستقبل البيئة السياسية اليمنية، وهذا ما نقلته "ترك برس" المقربة من العدالة والتنمية عن المستشار السياسي التركي علي حسين باكير وجيورجيو كافييرو.
حزب الإصلاح، الجناح السياسي لجماعة الإخوان باليمن، أصبح جسر عبور تركيا للهيمنة على العرب، بتلك الخطة التي اختلط فيها السياسي بالديني، وتبدلت فيها الوجوه الإنسانية بالعسكرية، لتنفيذ مشروع الهيمنة العثماني الذي يرفع الآن راية الإسلاموية.