ثلث الضفة الغربية إجتاحته كورونا، وأربعين في المائة من إقتصاد الضفة يرزح ويعاني من جائحة كورنا، والإستعدادات التي تم تجهيزها لا تتناسب لا حجما ولا كمعدات ولا كطواقم مع الإنتشار السريع لوباء ينتقل بسرعة البرق في محافظة مكتظة.
من يتحمل المسؤولية؟
ليست السلطة هي الوحيدة من يتحمل المسئولية بما حدث ويحدث في محافظة الخليل، على الرغم من أنها تعتبر الراعي المسئول عن رعيته، فالحكومة الفلسطينية برئاسة الدكتور محمد إشتية بذلت كل الجهد المطلوب، ونجحت في البدايات في محاصرة الجائحة ومنعها من الإنتشار، ولكن ضغط رأسمال المرتبط أيضا بفكر "حزب التحرير" ونشره دعايات تحت مسمى "المؤامرة" كان سبب أساسي في نشر ثقافة الإختلاط غير المحسوبة نتائجه، فالأفراح عادت بقوة وبيوت العزاء إمتلأت بالناس، والمساجد فتحت وبدون مراعاة فعلية لإجراءات الوقاية، عدا عن اللقاءات العائلية التي لم تنقطع بل زادت بقوة وكأن البعض الجاهل يريد أن يثبت مفهوم "المؤامرة " الكوفيدية".
للأسف الشديد سمعت بأذني أقطاب من حزب التحرير يتحدثون عن فيروس كورونا بأنه كذبة وخطة غربية هدفها السيطرة المباشرة على العالم والتحكم بالإنسان عبر التكنولوجيا، بل البعض منهم قال : إنها حرب على المسلمين لإغلاق بيوت الله "المساجد"، وإنها فعل شيطاني هدفه حرف الناس عن دينهم، وفوق كل ذلك قام أقطاب أصحاب نظرية المؤامرة من حزب التحرير بطرح قضية "سيداو" وكأنها الأولوية على غيرها من القضايا، بل إن البعض منهم تفتقت عبقريته ولذكاءه الشديد وجد أن الإغلاقات والتشدد هدفها تمرير "قانون حماية الأسرة" المتوافق مع "سيداو".
كارثة الخليل هي عنوان واضح وعملي يصرخ في وجه كل من قال بأن "كورونا" مؤامرة، وهؤلاء يتحملون مسئولية كبرى أمام الله والمجتمع لأنهم خلقوا بلبلة وتشكيك أدت بالناس لعدم أخذ الإجراءات الوقاية بمحمل الحد، بل كانت ردة فعل الناس عكسية إستجابة لدعايات من قيادات أحزاب دينية كان هدفها الأساس التجارة والإقتصاد وليس لأهداف دينية مبدئية خاصة حين يتزاوح التجار ورأس المال مع تلك الأحزاب الدينية.
اليوم نحن في خضم معركة حقيقية في محافظة الخليل والضفة بشكل اوسع، وهذا يتطلب أولا وأخيرا الإلتزام بالإجراءات الوقاية، وعلى السلطات الصحية الفلسطينية أن تطلب المساعدات العاجلة من الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة لأننا بحاجة لمستشفيات ميدانية متخصصة لمواجهة جائحة كورونا وبكامل معداتها، بل طلب طواقم طبية للمساعدة ومثال "إيطاليا" والأطباء الصينيين والكوبيين لا يزال حاضرا ومثال يحتذى.
أما أؤلئك الذين يختبئون في جحورهم من أصحاب نظرية المؤامرة فعليهم أن يبقوا في تلك الجحور لعل وعسى يلهمهم الخالق رب الناس كلها ويهديهم لجادة الصواب التي انحرفوا عنها بفكر ديني يرونه مطلقا ونحن نراه دين حزبي لا يمثل حقيقة دين رسولنا الأعظم محمد سيد البشر صلوات الله عليه وسلم، قال تعالى : "فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴿المؤمنون53).