- مدفعية الاحتلال تقصف غربي بيت لاهيا شمالي غزة
- الصحة: وصول شهيد برصاص الاحتلال إلى مستشفى طولكرم الحكومي
يناير 2006، قرر الرئيس محمود عباس فتح باب الانتخابات البرلمانية، رضوخا لضغط أمريكي إسرائيلي قطري، دون شرطية الالتزام بالنظام الأساسي للسلطة الوطنية، وخارج أي شروط سياسية تتوافق وطبيعة التزامات منظمة التحرير، ما فتح الباب لحدوث الانقسام وخطف قطاع غزة بعدما حققت حماس فوزا كبيرا، لأسباب بات أبناء حركة فتح قبل غيرهم يعرفون سببها ومسببها.
لا جديد يضاف، بأن ذلك التاريخ كان "حلقة سوداء" في المسار الوطني فمنه بدأت شرارة أخطر حركة انقسامية في تاريخ الحركة الوطنية، ما أدى لتعزيز "مشروع التهويد العام"، واضعاف التمثيل الوطني، وبوابة طبيعية لحدوث "أم النكبات" الفلسطينية بعد 7 أكتوبر 2023، بكل نتائجها السياسية والإنسانية، بعيدا عن "الادعائية الكلامية".
موضوعيا، كان الاعتقاد بعدما تبين للعامة داخل الوطن (وهنا يشمل 48) وخارجه، الخطر – الضرر الكبير من خطوة الانتخابات، التي لم يكن لها هدف سوى كسر عامود التمثيل الوطني، أن يعيد الرئيس محمود عباس ترتيب المشهد السياسي الداخلي، بما يعيد قوة التمثيل من خلال حيوية المؤسسة الرسمية، منظمة وسلطة، وبعدما حققت فلسطين نجاحا تاريخيا في عام 2012 بقبولها عضو دولة مراقب في الأمم المتحدة برقم تصادف بذات رقم القرار الخاص بقضية اللاجئين 194.
قرار الأمم المتحدة، فتح الباب أمام فرصة انطلاقة "ثورية" لفلسطين ليس لمواجهة المؤامرة الانقسامية فحسب، بل لقطع الطريق على المشروع الاحلالي الذي بدأ يسير بسرعة كبيرة في الضفة والقدس، بالانتقال من "شروط اتفاق"، ألغت دولة اليهود العنصرية كل ما لفلسطين به، وابقت على ما لها به، فكان الافتراض خطوة تغييرية بعد القرار الأممي، خاصة وأن المجلس المركزي وضع آلية محددة لذلك التبديل الانتقالي.
لكن الرئيس عباس، مجددا رضخ للضغوط الأمريكية الإسرائيلية وبعض العربية، فأوقف قاطرة التغيير القانوني وفق قرار الأمم المتحدة، ما أدى لزيادة انكسارية التمثيل الوطني، بالتوازي مع تعزيز حكم حماس بتمويل قطري مباشر وتسهيل إسرائيلي، مع تسارع التهويد في الضفة والقدس، سلوك بدأ لبناء "جدار عازل" بين الممثل الرسمي ومن يمثله افتراضيا.
خلال تلك المراحل، كانت مؤسسات منظمة التحرير تنفيذية، ومركزي ووطني هي الضحية الرئيسية لمنهج الرئيس محمود عباس، بحيث لم يعد لها دور حقيقي، بل ربما لم يعد غالبية الشعب الفلسطيني يعلم من هي وما دورها، ما هي دوائرها، وكل ما بقي لها من "ذاكرة"، أن المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد، شعارا فقد كل ما كان له قوة وتأثير.
بعد أكتوبر 2023، وقيام دولة الفاشية اليهودية بشن حرب إبادة جماعية، وتدميرية في قطاع غزة، وانطلاق حركية تهويد مع ملامح ضم في الضفة والقدس، وبناء نظام يهودي كامل فيها، تطلب ذلك حدوث حركة فلسطينية رسمية واسعة، ليس لإدارة وقائع متابعة الحرب العدوانية، بل العمل على مواجهتها، عبر البوابة الشرعية لها، دولة ومنظمة، وأداتها لجنة تنفيذية وحكومة، خاصة بعدما أصرت حركة حماس البقاء في موقف خطف تمثيل قطاع غزة.
ومع أن الأمم المتحدة عززت مكانة دولة فلسطين لتقارب صلاحيات دولة كاملة العضوية، لكن الانعكاس لذلك جاء معاكسا لما كان يجب أن يكون، وكأن الهدف تسجيل "منجزات ورقية"، وليس منجزات مسلحة بقوة الفعل الوطني، وبشكل غريب، اختفت تقريبا كل مؤسسات منظمة التحرير، خاصة اللجنة التنفيذية، والتي لم تعقد سوى اجتماعات لم تتجاوز أصابع اليد خلال أحد أخطر السنوات على فلسطين منذ النكبة الأولى 1948.
وبديلا لتفعيل مؤسسات منظمة التحرير، خاصة التنفيذية والمجلس المركزي، والذي كان له أن يكون برلمان دولة فلسطين المؤقت ليمنح النظام قوة خاصة، لكن ما كان خلافا لما كان يجب أن يكون، وتم استبدال مؤسسات المنظمة والدولة بمؤسسة الرئاسة، لتصبح هي "الممثل الرسمي" للشعب الفلسطيني.
استبدال "مؤسسات المنظمة والدولة" بمؤسسة الرئاسة محدود العدد ومحصورة الانتماء الوطني، يساعد كثيرا جدا ما بدأ يبرز نشاطا علنيا لتشكيل بديل لمنظمة التحرير بمسميات مختلفة، بدأت تعقد مؤتمراتها العلنية وفي دولة عربية، هي قطر، لم تجد رفضا أو غضبا من الرسمية الفلسطينية، وكأن هناك "تفاهم ضمني" على ما يجري من أنشطة سياسية هدفها نحو تشكيل إطار تمثيلي جديد.
وهنا، هل ما حدث من تغييب كلي لمؤسسات منظمة التحرير ودولة فلسطين، وتقزيم التمثيل الفعلي بـ"مؤسسة الرئاسة" يأتي ضمن "تفاهم خاص" لفتح باب تشكيل "البديل"، الذي لم يعد سرا لا أسماء ولا أهدافا ولا دول راعية وداعمة..هل ما يحدث يعيد ما حدث من "تفاهم خاص" لإجراء انتخابات 2006 خارج القانون الفلسطيني، فكان ما كان خرابا وطنيا..
السؤال الصريح، هل بدأت رحلة تشكيل "بديل سياسي" يتوافق وأهداف المشروع الأمريكي التهويدي الجديد بعد حرب غزة، لكسر العامود الفقري للتمثيل الوطني وفتح باب "البديل الجزئي"، ما يتوافق والمشروع السياسي الحديث، أو ما يعرف إعلاميا بـ "اليوم التالي".
النفي البياني لعدم تسهيل خلق "بديل سياسي" وبأن ذلك لن يكون، وإعادة اللغو الكلامي بأن منظمة التحرير هي الممثل ولا غيره، لا صدقية له دون الذهاب لفعل التفعيل لمؤسسات أوشكت على "الدفن السياسي"، وغيره شركا واضحا.
دون ثورة غضب لحماية المنجز الوطني الكبير، انتظروا نهاية المشروع السياسي الفلسطيني لصالح مشاريع خالية من الدسم الوطني، تحمل "رؤوسا تهويدية".