- مراسلنا: قصف إسرائيلي يستهدف بلدة خزاعة شرق خانيونس جنوب قطاع غزة
- الشرطة البريطانية: فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن ونفحص جسما مشبوها قربها
لم يُخفِ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رغبته بعودة دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة. وليس نتنياهو وحده من تمنى ذلك، بل غالبية الإسرائيليين أيضاً. وبعد تأكد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية أمس، وسيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ، وفي طريقهم لبسط سيطرتهم على مجلس النواب، يبدو أننا أمام حقبة أميركية جمهورية بامتياز. ولعله بمراجعة تصريحات وسياسات نتنياهو، يمكن قراءة توجهاته للمرحلة القادمة. وجاء الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل في حربها ضد غزة ولبنان وإيران وكل من يتحداها من قبل إدارة بايدن في سياق متصل من دعم عام للإدارات الأميركية المختلفة السابقة جمهورية كانت أم ديمقراطية منذ عقود لإسرائيل، وليس من المتوقع حدوث اختلاف كبير عن ذلك التوجه من قبل إدارة ترامب. وتعكس سياسات ترامب التي انتهجها في ولايته السابقة، وتصريحاته خلال دعايته الانتخابية قبل أسابيع، توجهات إدارته تجاه الحروب الدائرة التي يشنها نتنياهو في الشرق الأوسط وحدود توسعها، وإن كانت في عمومها لن تخرج عن النسق الأميركي العام، لكن قد تكون بوتيرة متباينة.
لم يكن هناك حاجة لانكشاف قضية التسريبات لمعرفة مَن هي الجهة الإسرائيلية التي تعطل صفقة تبادل وقف إطلاق نار في غزة، فأهالي المحتجزين في غزة لم يتوقفوا عن اتهام نتنياهو بذلك منذ بداية الحرب. إلا أن تلك القضية قد تكون عجلت في قرار نتنياهو بعزل وزير دفاعه يوآف غالانت، الذي وجه اليه نتنياهو اتهاماً مباشراً بوقوفه خلف تلك التسريبات. وطالما اختلف نتنياهو مع غالانت حول التعديلات القضائية وقضية تجنيد المتدينين ومسألة وقف الحرب في غزة ولبنان. ويعكس قرار الإقالة الذي اتخذه نتنياهو بحق غالانت وتعيين وزير خارجيته يسرائيل كاتس بدلاً منه، عزل أي صوت معارض ضمن أركان حكومته، ونية واضحة بمواصلة الحرب.
وأكد غالانت في أعقاب إقالته أن الحرب مستمرة ولن تنتهي سريعاً، ودعا المجتمع الإسرائيلي للتعايش مع حالة الحرب.
وفرضت الرقابة العسكرية حظراً على تفاصيل تلك التسريبات، وسط اتهامات لنتنياهو باستخدامها من أجل التأثير على الرأي العام بشأن المفاوضات مع حركة حماس وتبرير رفضه عقد صفقة تبادل، وإلقاء اللوم في ذلك على الحركة.
إن هذه التسريبات تكشف نية نتنياهو بمواصلة الحرب على غزة، وعدم وضع المحتجزين في غزة ضمن أهداف تلك الحرب.
ليس من الصعب معرفة نوايا نتنياهو وحكومته اليمينية التي تواصل حرب إبادة وتدمير غير معهودة في غزة، وتستخدم المفاوضات للمماطلة وكسب الرأي العام المحلي والدولي، بما يضمن مواصلة أهدافها بالسيطرة على غزة. وفي لبنان، يواصل الاحتلال استهدافاته من قتل وتدمير. وقد اختفى سريعاً التفاؤل الذي عم في أوساط لبنان قبل أيام بإبرام صفقة بمبادرة أميركية، ليذكرنا بجولات التفاوض المتكررة في غزة. يأتي ذلك على الرغم من وجود تسريبات من قيادة جيش الاحتلال تشير لوجود إجماع داخل جهاز الأمن الإسرائيلي على أن الحرب على غزة ولبنان قد استنفدت أغراضها، وباتت مؤهلة للتوقف باتفاق سياسي.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية قبل أيام عن مسودة اتفاق تنص على هدنة أولية بين إسرائيل وحزب الله لمدة 60 يوماً، تسحب بموجبها إسرائيل قواتها من لبنان في غضون الأسبوع الأول منها. إلا أن نتنياهو صرح بعد ذلك أن «هناك حاجة لمزيد من القتال حتى تستطيع إسرائيل أن تفرض شروطاً أفضل للاتفاقات». واشترط نتنياهو أن يعمل الجيش اللبناني على تدمير البنية التحتية العسكرية التي أقامها حزب الله في الجنوب، وإرغام قواته على الانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني. كما وضع نتنياهو شرطاً يتعلق بوجود بند يحفظ لإسرائيل حرية العمليات في لبنان في إطار أي تسوية لإنهاء الحرب. وطالب كذلك بأن يمكن الاتفاق إسرائيل من منع نقل أسلحة من سورية إلى لبنان ومنع تسلح «حزب الله»، وكلها شروط تعجيزية يصعب على اللبنانيين قبولها في الوقت الحاضر.
ومع إيران، رفع جيش الاحتلال درجة تأهبه وسط تقديرات أمنية بإمكانية شن طهران هجوماً قوياً رداً على الضربات العسكرية الإسرائيلية ضد مواقع إيرانية نهاية الشهر الماضي. ورغم تأكيد إيران على أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين حلفائها وإسرائيل قد يؤثر على حدة ردها المنتظر.
وفي الضفة الغربية، فبالإضافة إلى الممارسات التي تنتهجها سلطات الاحتلال والمستوطنون ضد السكان، جاءت تحذيرات عسكرية إسرائيلية بأن الحدود الفلسطينية الأردنية مفتوحة أمام عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات، مشددة على أن ذلك يزيد من احتمالية تسلل مسلحين للأراضي المحتلة.
هل سيدعم ترامب نتنياهو في مسار الحروب التي يتبناها؟
ليس خفياً دعم ترامب لإسرائيل، وخطواته الاستثنائية في دعمها عندما كان على رأس السلطة في الماضي. ولا ينفصل دعم ترامب عن دعم الجمهوريين الصلب لإسرائيل والبعيد كل البعد عن المرونة السياسية التي يمتاز بها الديمقراطيون عموماً، وإن اتحدوا جميعاً حول الهدف الموحد في خدمة إسرائيل.
ليس من المتوقع أن تغير إدارة ترامب سياستها تجاه إسرائيل والشرق الأوسط عن إدارة بايدن، في ظل التزام الدولة العميقة الأميركية تجاه الصهيونية ودعم إسرائيل، إلا أنه من الممكن أن يتصاعد دعمها ويأخذ شكلاً صريحاً دون مظاهر دبلوماسية شكلية تبنتها الإدارة السابقة. فأكد ترامب أن مساحة إسرائيل الحالية صغيرة، وأنه يفكر في كيفية مضاعفتها. واعتبر ترامب أنه يدعم انتصاراً عسكرياً إسرائيلياً في غزة، ولم يستبعد شكلاً من أشكال الحكم الإسرائيلي أو الاحتلال للقطاع. كما أن ترامب لا يولي اهتماماً بقضايا حقوق الإنسان، لذلك ليس من المتوقع أن يهتم بتوفير المواد الأساسية لسكان القطاع، وقد يدعم استخدام التجويع كوسيلة للتعجيل بإنهاء القتال في غزة. وضمن نفس السياق، قد يمارس ترامب ضغوطاً لتسهيل تهجير سكان القطاع، كما لن يولي اهتماماً بممارسات جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية. ولا تختلف نظرة ترامب للبنان عن تلك التي رسمها لغزة، إذ يتبنى موقف إسرائيل ومبرراتها لغزو لبنان ومهاجمة حزب الله، الأمر الذي لا يرجح سعي إدارته لصقل مبادرات هدنة لوقف القتال. ومن المرجح أن تدعم إدارة ترامب تصعيدًا مع طهران، فقد انسحب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني في عام ٢٠١٥، وشهدت علاقة إدارته توترات متتالية مع الحكومة الإيرانية، كما جرى اغتيال القائد العسكري قاسم سليماني خلال ولايته السابقة، إن كل تلك المعطيات تجعل من فرص نشوب حرب مع إيران ممكنة.
ورغم ذلك، وضمن نظرة أكثر تفاؤلاً، يمكن أن تكون ميول ترامب تتجه نحو عدم الرغبة بخوض الحرب والانخراط في الخارج، أو ما يعرف بالتوجه الانعزالي الذي يميل أعضاء الحزب الجمهوري عموماً لتبنّيه، وعدم ميل ترامب بشكل خاص لتحمّل أعباء تكلفة تلك الحروب انطلاقاً من شخصيته كرجل أعمال، لا تنسجم مع استمرار التورط الأميركي في دعم إسرائيل في حربها الحالية في غزة ولبنان وإيران وكل من يتحداها. ودعا ترامب بالفعل نتنياهو لوضع حد لحربه في غزة ولبنان، والكف عن تبادل الهجمات مع إيران. ويمتلك ترامب شخصية قيادية قد تجعله يرفض فرض الأمر الواقع عليه من قبل نتنياهو وداعميه في الولايات المتحدة لمواصلة دعم الحروب بدون ترتيبات محددة، كما جرى في عهد بايدن. ويميل ترامب لتحقيق مكاسب مالية واقتصادية، وسعى خلال ولايته الماضية لخلق علاقات جيدة مع دول الخليج العربي خصوصاً المملكة العربية السعودية، فهل يمكن أن تساهم كل تلك العوامل في إنتاج سياسة أميركية تصب في صالح الفلسطينيين وتكون خارج التوقعات؟