- مراسلنا: جيش الاحتلال يطلق الرصاص بكثافة خلال اقتحام مخيم الفوار جنوب الخليل
لم يترك الرئيس الأمريكي ترامب كثيرا من الوقت ليؤكد موقفه الذي تردد في توضيحه، حول الضفة الغربية، بالقول يجب أن تضم إلى إسرائيل، في إعلان هو الأول منذ عام 1948 لرئيس أمريكي، بتهويد الضفة وبالتأكيد معها القدس الشرقية.
إعلان ترامب بضم الضفة يوم 11 فبراير 2025، وخلال لقاء مع الملك عبد الله، جاء دعما مباشرا لقرار كنيست دولة الفاشية اليهودية باعتبار وجود دولة فلسطينية في الضفة "خطر عليها"، ولذا لا يجب السماح به، وقوة دفع للمنظمات اليهودية الإرهابية الاحلالية الداعية للسيطرة المكاملة على الضفة.
تصريح ترامب حول تهويد الضفة، إلى جانب جوهره السياسي الخطير، خلال لقاء الملك الأردني عبد الله، جسد قمة السقوط الأخلاقي، متجاهلا المكانة السياسية للملك، وقبلهما، الاتفاق الخاص حول دور الأردن الإشرافي على المقدسات في القدس، والرابط الاجتماعي الواسع مع الضفة الغربية، إلى جانب ما يمثله ذلك من مساس بكيان الأردن.
انتقال ترامب من خطة تطهير قطاع غزة الى تهويد الضفة الغربية، يمثل الرسالة السياسية الأشد خطورة على مستقبل القضية الوطنية الفلسطينية، ليس بتحديه قرارات الشرعية الدولية، بل ومختلف المواقف الأمريكية، التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، ومنها ما سبق أن تقدم به عام 2019 – 2020، ما عرف بـ صفقة القرن".
في يونيو 2019، عرض كوشنير صهر ترامب ومستشاره الخاص رؤية خاصة، خلال قمة عقدت في البحرين تحت مسمى "السلام من أجل الازدهار"، شاركت بها مجموعة من الدول بينها، مصر، العربية السعودية، الإمارات، الأردن، المغرب، قطر والبحرين إلى جانب أمريكا ودولة الكيان والاتحاد الأوروبي، فتحت الباب لمناقشة ما سيكون لاحقا مشروع "صفقة القرن"، والتي بدأت في الظهور عام 2020، تتضمن ضم 30% من أراض الضفة، لضم جميع مستوطنات الضفة الغربية، والقدس الشرقية عدا بعض الأحياء منها.
إعلان ترامب الحديث، لم يضع حدودا لمفهوم الضم، لكنه يستند إلى الفكرة الجوهرية التي ينطلق منها، بأن "دولة إسرائيل صغيرة جدا" تحتاج لتوسيع، ومرحليا يرى ذلك في الضفة والقدس، على أمل "اختراع حل توسعي" مستقبلا ضمن "صفقات أخرى.
نجح ترامب مبدئيا بسحب البساط السياسي – الإعلامي عن الفكرة التهويدية التي يعمل لها، منذ عام 2017 تحت غطاء "تطهير غزة"، المشروع الذي أصبح العنوان الإخباري الأبرز عالميا، بل أن تصريحه خلال لقاء الملك عبد الله، بأن ضم الضفة فكرة جيدة، غرقت في بحر تناول مشروع التطهير الغزي، رغم أن مخاطر التهويد أعلى على مستقبل القضية الفلسطينية.
مفارقة غريبة حدذت، أن ردود الفعل السريعة التي صدرت بعد لقاء ترامب والملك عبد الله، كانت جميعها ترتبط بخطة التهجير، وتجاهلت كليا مشروع التهويد الذي أطلق رصاصة شرعنته بالقول إن ضم الضفة فكرة جيدة.
كان مفترض، وسريعا جدا، أن ترد الرسمية الفلسطينية على تصريح ترامب التهويدي والتهجيري، فصمتها كان المفاجأة الأكبر خاصة وأن أقواله لا تحتمل التأويل، ولا تفسيرات ملتبسة، ولا ذريعة يمكنها تبرير ذلك بأنها تحتاج لدراسة وتعمق في الدراسة، فالقول ناطق بصراحة هي الأكثر وقاحة في التاريخ السياسي المعاصر.
التهويد في الضفة الغربية يحمل بداخله أيضا مشروعا تطهيريا وتهجيريا، وهو ما يمثل خطرا مضاعفا عما ينتظر قطاع غزة من مشروع تطهيري، مواجهته السريعة ضرورة وطنية كبرى، لا تحتمل الانتظار.